الشّام وأضَلّ خلفاءَه واسْتَغْواهم، ثمّ إنّ طُغتكين ولّاه بانياس، فكانت هذه من سيّئات طُغتكين، عفا الله عنه1.
قتال الباطنيّه في وادي التّيم:
وأقام بهرام له بدمشق خليفة يدعو إلى مذهبه، فكُثر بدمشق أتباعه. وملك بهرام عدَّة حصون من الجبال منها القَدْمُوس. وكان بوادي التَّيْم طوائف من الدَّرْزيَّة والنُصَيْريَّة والمجوس، واسم كبيرهم الضَحّاك، فسار إليهم بهرام وحاربهم، فكبس الضّحّاك عسكر بهرام، وقتل طائفة منهم، ورجعوا إلى بانياس بأسوأ حال.
خيانة المزدقاني وقتله:
وكان المَزْدقانيّ وزير دمشق يُعينهم ويُقوّيهم. وأقام بدمشق أبا الوفاء، فكثُر أتباعه وقويت شوكته، وصار حكمه في دمشق مثل حكم طُغتِكين. ثمّ إنّ المَزْدقاني راسلَ الفرنج، لعنهم الله، ليُسلِّم إليهم دمشق، ويُسلَّموا إليه صور. وتواعدوا إلى يوم جمعة، وقررّ المَزْدقاني مع الباطنيَّة أن يحتاطوا ذلك اليوم بأبواب الجامع، لا يمكنون أحدًا من الخروج، ليجيء الفرنج ويملك دمشق. فبلغ ذلك تاج المُلوك بوري، فطلب المَزْدقاني وطمّنه، وقتله وعلَّق رأسه على باب القلعة، وبذل السّيف في الباطنيَّة، فقتل منهم ستة آلاف. وكان ذلك فتحا عظيمًا في الإسلام في يوم الجمعة نصف رمضان.
فخاف الّذين ببانياس وذلُّوا، وسلّموا بانياس إلى الفرنج، وصاروا معهم، وقاسوا ذلًّا وهوانًا2.
انكسار الفرنج:
وجاءت الفرنج ونازلت دمشق، فجاء إلى بغداد في النّفير عبد الوهّاب الواعظ الحنبليّ، ومعه جماعة من التّجّار، وَهَمُّوا بكسر المنبر، فوُعِدوا بأن ينفّذ إلى السّلطان في ذلك. وتناخى عسكر دمشق والعرب والتركمان، فكسبوا الفرنج، وثبت الفريقان، ونصر الله دينه فقُتل من الفرنج خلق، وأسر منهم ثلاثمائة، وراحوا بشر خيبة، ولله الحمد3.