تُوُفّي في صَفَر، وشيعّه عالم كثير، ومتولّي قرطبة.
مولده في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة. وعاش سبْعًا وخمسين سنة، رحمه الله، ورضي عَنْهُ.
"حرف الياء":
283- يحيى بْن السّلطان تميم بْن المُعِزّ بْن باديس1. المُلْك أبو طاهر الحِمْيَريّ، الصّنْهاجيّ صاحب إفريقية وبلادها.
تسلطن بعد أَبِيهِ، وخلع عَلَى الأمراء، ونشر العدل، وافتتح قِلاعًا لم يتمكّن أَبُوهُ مِن فتحها.
وكان كثير المطالعة لكتب الأخبار والسّيَر، شفوقًا عَلَى الرعيّة والفقراء، مقرَّبًا للعلماء، جوادًا، مُمَدَّحًا.
وفيه يَقُولُ أبو الصّلْت أُمَيَّة بْن عَبْد العزيز بْن أبي الصّلْت:
وارغب بنفسك إلّا عَنْ ندًى ووغًى ... فالمجد أجمعُ بين البأْسِ والْجُودِ
كدأْب يحيى الَّذِي أحْيَتْ مَواهبُهُ ... مَيْتَ الرَّجاء بإنجاز المواعيد
معطي الصوارم والهيف النواعم والـ ... جرد الصُّلادِم والبُزْلِ الْجَلاميدِ
إذا بدا بسريرِ المُلْك مُحْتبِيا ... رَأَيْتَ يوسُفَ في مِحراب داودِ
تُوُفّي يحيى يوم الأضحي فجأة أثناء النّهار، وخلّف ثلاثين ولدًا ذَكَرًا، وقام بالمُلك بعده ابنه عليّ، فبقي ستٌّ سنين ومات، فأقاموا في المملكة ابنه الحسن بن عليّ، وهو صبيّ ابنُ ثلاث عشرة سنة، فامتدت دولته إلى أن أخذت الفرنْج أَطْرابُلُسَ المغرب بالسيّف، وقتلوا أهلها في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فخاف الحَسَن وخرج هاربًا مِن المَهدّية هُوَ وأكثرُ أهلها. ثمّ إنّه التجأ إلى السّلطان عَبْد المؤمن بْن عليّ.
وممّا تمَّ ليحيى أن ثلاثة غرباء كتبوا إليه أنهم كيمائيون، فأحضرهم ليعملوا ويتفرَّج. وكان عنده الشّريف أبو الحسن وقائد الجيش إبراهيم، فجذب أحدهم