وسمعت المؤتمن يَقُولُ: سَأَلت عَبْد الله بْن محمد الأنصاريّ، عَنْ أَبِي عليّ الخالديّ، فقال: كَانَ لَهُ في الكذب قصّة، ومن الحِفْظ حِصّة.
وقال السّلَفيّ: لم يكن ببغداد أحسن قراءةً للحديث منه، يعني السّاجيّ، كَانَ لَا يملّ قراءته وإن طالت. قرأ لنا عَلَى أَبِي الحُسَيْن بْن الطُّيُوريّ كتاب "الفاضل" للرّامَهُرْمُزِيّ في مجلس.
وقال يحيى بْن مَنْدَهْ الحافظ: قِدم المؤتمن السّاجيّ إصبهان، وسمع مِن والدي كتاب "معرفة الصحابة" وكتاب "التوحيد" و"الأمالي"، و"حديث ابن عُيَيْنَة" لجدّي، فلمّا أخذ في قراءة "غرائب شُعْبَة" بلغ إلى حديث عُمَر في لبْس الحرير فلمّا انتهى إلى آخر الحديث كَانَ الوالد في حال الانتقال إلى الآخرة، وقضى نحْبه عند انتهاء ذَلِكَ بعد عشاء الآخرة. هذا ما رأينا وشاهدنا وعَلِمْنا. ثمّ قدم أبو الْفَضْلُ محمد بْن طاهر سنة ست وخمسمائة، وقرأنا عَليْهِ جزءًا مِن مجموعاته، وقرأ عَليْهِ أبو نصر اليُونارتيّ جزءًا مِن الحكايات فيه. سَمِعْتُ أصحابنا بإصبهان يقولون: إنّما تَمَّم المؤتمن السّاجيّ كتاب "معرفة الصّحابة" عَلَى أَبِي عَمْرو بعد موته، وذلك أنّه كَانَ يقرأ عَليْهِ وهو في النَّزْع، ومات وهو يقرأ عَليْهِ. وكان يُصاح بِهِ: نريد أن نغسّل الشَّيْخ.
قَالَ يحيى: فلمّا سَمِعْتُ هذه الحكاية قلت: ما جرى ذَلِكَ، يجب أن تصلح هذا، فإنه كذِب وزور. وكتب اليُونارتيّ في الحال عَلَى حاشية النّسخة صورة الحال. وأمّا قراءة "معرفة الصّحابة" فكان قبل موت الوالد بشهرين. وكان المؤتمن والله، متورعًا، زاهدًا، صابرًا عَلَى الفقر، رحمه الله.
وقال أبو بَكْر محمد بْن فولاذ الطَّبَريّ: أنشدنا المؤتمن لنفسه.
وقالوا كُنْ لنا خَدْنًا وخِلًا ... ولا والله أفعل ما شاءوا
أُحابيهم ببعضي أو بكلّي ... وكيف وجلّهم نعَمٌ وشاءُ
وقال ابن ناصر: سَأَلت المؤتمن عَنْ مولده فقال: في صَفَر سنة خمس وأربعين وأربعمائة. وتوفي في صَفَر سنة سبْعٍ. وصلّيت عَليْهِ. وكان عالمًا، فهْمًا، ثقة، مأمونًا.