عصيان نائب عسقلان:
وكان نائبُ بعسقلان شمس الخلافة، فراسل بغدوين صاحب القدس وهادنه وهاداه، وخرج عَنْ طاعة صاحب مصر، فتحيّلوا للقبض عَليْهِ فعجزوا. ثمّ إنّه أخرج الّذي عنده مِن عسكر مصر خوفًا منهم، وأحضر جماعة مِن الأرمن واستخدمهم، فمقته أهل عسقلان وقتلوه، ونهبوا داره، فسُرَّ بذلك أمير الجيوش الأفضل، وبعث إليها أميرًا1.
أخْذ الفرنج حصني الأثارب وزَرْدَنا:
وفيها نازل صاحب أنطاكيّة حصن الأثارب، وهو عَلَى بريدٍ مِن حلب، فأخذوه عنْوةً2، وقتل ألفَيْ رجلٍ، وأسر الباقين3.
ثمّ نازل حصن زَرْدَنا، وأخذه بالسّيف. وجَفَل أهل مَنْبِج، وأهل بالِسَ، فقصدت الفرنج البلدين، فلم يروا بها أنيسًا4.
تعاظم البلاء:
وعظُم بلاء المسلمين، وبلغت القلوب الحَنَاجر، وأيقنوا باستيلاء الفرنج عَلَى سائر الشّام، وطلبوا الهدنة، فامتنعت الفرنج إلّا عَلَى قطيعة يأخذونها. فصالحهم المُلْك رضوان السَّلْجوقي صاحب حلب عَلَى اثنتين وثلاثين ألف دينار، وغيرها مِن الخيل والثّياب، وصالحهم أمير صور عَلَى شيء، وكذا صاحب شَيْزر، وكذا صاحب حماه عليّ الكُرَديّ، صالحهم هذا عَلَى ألفَيْ دينار، وكانت حماه صغيرة جدّا5.
ثورة الناس ببغداد:
وسار طائفة مِن الشّام إلى بغداد يستنفرون النّاس، واجتمع عليهم خلْق مِن الفُقهاء والمطّوّعة، واستغاثوا وكسروا منبر جامع السّلطان، فوعدهم السلطان بالجهاد.