ورحل إلى الشّام، والقدس.
وسمع بدمشق من: إمام الجامع عبد الصّمد بن محمد بن تميم.
وأقدم شيخٍ له: مؤدّبه أبو طالب عُمَر بن محمد بن الدَّلْو، فإنّه يروي عن أبي عُمَر بن حَيَّوَيْهِ، وتُوُفّي سنة ست وأربعين وأربعمائة.
وسمع بالقدس من: محمد بن مكّيّ بن عثمان الأزْديّ، وعبد الرّحيم البخاريّ، وأبي الغنائم محمد بن الفرّاء.
روى عنه: أبو عليّ بن سُكَّرَة.
وكان محبوبًا إلى النّاس كلّهم، فاضلًا، حَسَن الذِّكْر. ما رأيت مثله على طريقته. وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلّا أعطاه، أو دلّه عند مَن هو.
وسمعتُ أبا الوفاء بن عقيل الحنبليّ الإمام يقول، وذَكَر شدَّةً أصابته بمطالبةٍ طُولِب بها، وأنّه كانت له عند ذلك خَلوات يدعو ربَّه فيها ويناجيه، فقرأ في مناجاته: فَلَئنْ قلتَ لي يا ربّ: هل واليتَ فيَّ وليًّا؟ أقول: نعم يا رب، أبو بكر ابن الخاضبة. ولئن قلتَ هل عاديتَ فيَّ عدُّوًا؟ أقول: نعم يا ربّ فُلانًا ولم يُسمِّه لنا.
فأخبرت ابن الخاضبة بقوله. فقال: اغترّ الشّيخ.
وقال ابن السّمعانيّ: نسخَ "صحيح مسلم" سنة الغرق بالأُجرة سبْع مرّات.
وقال ابن طاهر: ما كان في الدّنيا أحسن قراءةً للحديث من ابن الخاضبة في وقته، لو سمع بقراءته إنسانٌ يومين لَمَا ملَّ من قراءته.
وقال السِّلَفيّ1: سألتُ أبا الكرم الحَوْزِيّ عن ابن الخاضبة، فقال: كان علّامةً في الأدب، قُدْوَةً في الحديث، جيّد اللّسان، جامعًا لخلال الخير، ما رأيتُ ببغداد من أهلها أحسنَ قراءةً للحديث منه، ولا أعرف بما يقوله.
وقال ابن النّجّار: كان ابن الخاضبة ورِعًا، تقيًّا، زاهدًا، ثقة، محبوبًا إلى النّاس. روى اليسير.
وقال أبو الحسن عليّ بن محمد الفصيحيّ: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من ابن الخاضبة.