وألذ من طعم الخضو ... ع على فمي السم النقيع
إن تسلب عنِّي الدُّنَا ... مّلْكي وتُسْلِمُني الْجُمُوعُ
فالقلبُ بين ضُلُوعِهِ ... لم تُسّلِمِ القلبَ الضُّلُوعُ
قد رُمْتُ يوم نِزَالِهم ... أنْ لا تحصِّنني الدُّرُوعُ
وبرزت ليس سوى قميـ ... ـصٍ عن الحشَى شيءٌ دَفُوعُ
أجَليَ تأخّر لم يكُنْ ... بِهَوَايَ ذُلِّي والخُضُوعُ
ما سِرتُ قطُّ إلى القتا ... ل وكان في أملي الرجوعُ
شِيَمُ الأُولَى أنا منهمُ ... والأصل تتْبعهُ الفروعُ
ولأبي بكر محمد بن اللّبّانة الدّانيّ فيه قصائد سائرة، وكان منقطعًا إليه؛ من ذلك:
لكلّ شيءٍ من الأشياء ميقاتُ ... وللمُنى من مناياهنّ غاياتُ
والدّهر في صِيغة الحِرْباء منغمسٌ ... ألوانُ حالاته فيها استحالاتُ
ونحن من لعب الشّطرنج في يده ... ورُبّما قُمِرت بالبَيْدق الشّاةُ
أنفض يديك من الدّنيا وساكِنها ... فالأرضُ قد أقْفرتْ والنّاسُ قد ماتوا
وقُلْ لعالَمِها الأرضيّ قد كَتَمتْ ... سريرةَ العالَمِ العُلْويِّ أَغْماتُ
وهي طويلة.
وله فيه قصائد طنّانة، هي:
تنشَّق رياحينَ السّلامِ فإنّما ... أفُضُّ بها مِسْكًا عليك مُخَتَّما
وقل لي مَجازًا إن عَدِمْتَ حقيقةً ... بأنّك في نُعْمَى فقد كنتَ مُنْعِمَا
أفكِّرُ في عصرٍ مضى لك مُشْرقًا ... فيرجعُ ضَوءُ الصُّبْح عندي مُظْلِما
وأعْجَبُ من أُفْقِ المجَرَّةِ إذ رأى ... كُسُوفَكَ شمسًا كيف أطْلَعُ أنْجُمَا
فتاةٌ سَعَتْ للطَّعنِ حتّى تقَصَّدَتْ ... وسيفٌ أطال الضَّربَ حتّى تثلَّما
بكى آلُ عَبّادٍ ولا لمحمدٍ ... وأبنَائهِ صَوْبُ الغَمَامة إذ هُمَا