وسمعتُ هبة الله بن طاوس يقول: دخلتُ على أبي يوسف ببغداد وقد زمن، من أين أنت؟ قلت: من دمشق.
قال: بلد النَّصْب1.
وقال ابن النّجّار: قرأتُ بخطّ أبي الوفاء بن عقيل الفقيه: قدِم علينا أبو يوسف القَزْوينيّ من مصر، وكان يفتخر بالاعتزال. وكان فيه توسُّع في القدْح في العلماء الّذين يخالفونه وجُرأة. وكان إذا قصد باب نظام المُلْك يقول لهم: استأذِنوا لأبي يوسف القَزْوينيّ المعتزليّ.
وكان طويل اللّسان بعلمٍ تارةٍ، وبسفهٍ يؤذِي به النّاسَ أخرى.
ولم يكن محقّقًا إلّا في التّفسير، فإنّه لَهِجَ بالتفاسير حتى جمع كتابًا بلغ خمسمائة مجلد، حشى فيه العجائب، حتى رأيت منه مجلَّدةً في آيةٍ واحدة، وهي قوله تعالى: {وَاتَبَعُوا مَا تَتْلُو الشَيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} [البقرة: 102] فذكر فيه السَّحَرة والملوك الّذين نَفَقَ عليهم السِّحْرُ وأنواع السِّحر وتأثيراته2.
وقال أبو الحَسَن محمد بْن عَبْد المُلْك: ملكَ أبو يوسف القَزْوينيّ كُتُبًا لم يملك أحدٌ مثلَها. فكان قومٌ يقولون ابتاعها من مصر بالخبز وقت شدة الغلاء.
وحدَّثني أبو منصور عبد المحسن بن محمد أنّه ابتاعها بالأثمان الغالية. وكان يحضر بيع كُتُب السِّيرافيّ، وهو شاهدٌ معروف بمصر، وبيعت كُتُبُه في سنتين، وزادت على أربعين ألف مجلَّدة.
قال: وكان أبو يوسف يبتاع في كلّ أسبوع بمائة دينار، ويقول: قد بعتُ رَحْلي وجميعَ ما في بيتي.
وكان الرُّؤساء هناك يواصلونه بالذَّهب.
وقيل: إنّه قدِم بغداد معه عشرة أحمال كُتُب، وأكثرها بالخطوط المنسوبة.
وعنه قال: ملكتُ ستين تفسيرًا، منها "تفسير ابن جرير"، و"تفسير الجبائي"، و"تفسير ابنه أبي هاشم"، و"تفسير أبي مسلم بن بحر"، و"تفسير البلخي".