"حرف الباء":
257-بَدْر1.
أمير الجيوش.
أرمنيّ الجنس. ولي إمارة دمشق من قِبل المستنصِر العُبَيْديّ سنة خمسٍ وخمسين وأربعمائة2، إلى أنّ جَرَت بينه وبين الجند والرّعيّة فتنة، وخاف على نفسه، فهَرَب في رجب سنة ستٍّ وخمسين. ثمّ وليها في سنة ثمانٍ وخمسين والشّام بأسره، ثمّ وقع الخِلاف بينه وبين أهل دمشق، فهَرب سنة ستّين. وأخْرَب القصر الّذي كان خارج باب الجابية. أخربه أهل البلد والعسكر خرابًا لم يُعَمَّر بعد، ومضى إلى مصر، فَعَلَت رتبتُه، وصار صاحبَ الأمر، فبعث إلى دمشق عسكرًا بعد عسكر، فلم يظفر بها. وتُوُفْي بمصر.
وهو بدر الجماليّ، وهو الّذي بنى جامع العطّارين بالإسكندريّة.
وفيه يقول عَلْقَمة العُلَيْميّ:
يا بَدْرُ أُقْسِمُ لو بِكَ اعتصمَ الوَرَى ... ولجوا إليك جميعُهم ما ضاعوا3
اشتراه جمال الدّين بن عمّار وربّاه.
وقيل: ركب البحر في الشّتاء من صور إلى الدّيار المصريّة في سنة ستٍّ وستّين، والمستنصِر في غاية الضَّعْف واختلال الدّولة للغلاء والوباء الّذي تمّ من قريب، ولاختلاف الكلمة، فولّاه الأمور كلَّها، من وزارة السّيف، والقلم، وقضاء القُضاة، والتَّقدُّم على الدُّعاة، فضبط الأمور، وزال قُطُوع4 المستنصِر واستفاق.
ولمّا دخل قرأ القاريء: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَهُ بِبَدْرٍ} [آل عمران: 123] ووقف، فقال المستنصِر: لو أتمَّها لَضَرَبتُ عُنُقَه.
ولم يزل إلى أن مات في ذي القعدة سنة ثمانٍ وثمانين.