وتُوُفّي في ثامن عشر المحرَّم، وهو ابن تسع وثلاثين سنة فجأةً.
وكان قد أُحضِر إليه تقليد السلطان بَرْكَيارُوق ليُعلّم عليه، فقرأه وعلّم عليه، ثمّ تغذّى وغسل يديه، وعنده فتاته شمس النّهار، فقال لها: ما هذه الأشخاص قد دخلوا بغير إذْنٍ؟ قالت: فالتفتُّ، فلم أَرَ شيئًا، ورأيته قد تغيّر حالُه، واسترخت يداه وسقط. فظننتُ أنّه غُشِي عليه. ثمّ تقدَّمتُ إليه، فرأيت عليه دلائلَ الموت، فقلت لجاريةٍ عندي: ليس هذا وقت النَّعي، فإنْ صحْتِ قتلتُك. وأحضرتُ الوزير، فأخبرته، فأخذوا في البيعة لولده المستظهر بالله أحمد.
وعاشت أمُّه إلى خلافة ابن ابنها المسترشد بالله1.
وكانت قواعد الخلافة في أيّامه باهرة، وافرة الحُرمة، بخلاف مَن تقدَّمه.
ومِن محاسنه أنّه أمَر بنفْي المغنيّات والخواطي من بغداد، وأن لا يدخل أحدٌ الحمّام إلّا بمئْزَرٍ. وضرب أبراج الحمام صيانةً لحُرَم النّاس.
وكان ديِّنًا خيرًا، قوي النفس، عالي الهمة، من نخباء بني العبّاس.
وقيل: إنّ جاريته سمّته.
وقد كان السّلطان ملكشاه صمَّم على إخراجه مِن بغداد، فحار في نفسه، وعجز، وأقبل على الابتهال إلى الله، فكفاه الله كيدَ ملكشاه ومات2.
227- عبد الله بن فَرَح بن غزلون3.
أبو محمد اليَحْصُبيّ الطُّلَيْطُلِيّ ابن العسّال.
روى عن: مكّيّ بن أبي طالب، وأبي عَمْرو الدّانيّ، وابن أرفعْ راسه، وابن شقّ اللّيل، وطائفة.
وكان متقِنًا فصيحًا مفوّهًا، حافظًا للحديث، خبيرًا بالنَّحْو واللُّغَة والتّفسير. وكان شاعرًا مُفْلِقًا، وله مجلسٌ حفل.
روى عنه جماعةٌ من مشيخة ابن بشكوال.
مات في عشر التسعين.