قال فيه عبد الغافر بن إسماعيل1: قاضي القُضاة ابن إمام الإسلام أبي محمد النّاصحيّ، أفضل عصره في أصحاب أبي حنيفة، وأعرفهم بالمذهب، وأوجههم في المناظرة، مع حظٍّ وافر من الأدب، وحِفْظ الأشْعَار والطّبّ، أُقْعِد في التَّدريس في حياة والده في مدرسة السّلطان، وفوِّض إليه أمرها وأمور أوقافها، وهي الآن برسم أولاده، ثم ولي القضاة بنَيْسابور في أيّام السّلطان ألْب أرسلان، فبقي في القضاة عَشْر سِنين، ونال من الحشْمة والدّرجة لأصلِه وفضلِه وبراعتِه، وكان فقيه النَّفْس، حسَن الإيراد تكلَّم في مسائل مع إمام الحرمين أبي المعاليّ، شاهدتُ ذلك، وكان الإمام يُثني عليه.
وبقي على ذلك إلى ابتداء الدّوله الملكشاهيّة، فشُكيَ قلّة تعاونه في قبض يده ووكلاء مجلسه وأصحابه عن الأموال، وفشا منهم زيادة البَسْط في التَّرِكات، وأشرف بعضُ الحقوق عَلَى الضَّيَاع من فتح أبواب الرّشا، فعُزِل ولم يُهمل لعَظَمته، فولي قضاء الرَّيّ، وكانت تلك الديار أكثر احتمالًا، فبقي على ذلك إلى أن تُوُفّي منصَرَفَه من الحجّ في رجب.
قلت: وقد شاخ.
روى عنه: عبد الوهّاب بن الأنماطي، وأبو بكر الزاغوني، ومحمد بن عبد الواحد الدّقّاق، وجماعة.
ومات على فراسخ من إصبهان في غُرّة رجب.
132- محمد بن عبد السّلام بن عليّ بن عفان2.
أبو الوفاء البغداديّ الواعظ.
مذكر حسَن الوعْظ، رضيّ السّيرة، له صِيت وقبول.
سمع: أبا علي بن شاذان.
روى عنه: إسماعيل بن السمرقندي وتوفي في جمادى الآخرة.