ولأبي المعالي من التصانيف: كتاب "نهاية المَطْلَب في المذهب"، وهو كتابٌ جليل في ثمانية مجلَّدات، وكتاب "الإرشاد في الأصول"، وكتاب "الرسالة النظاميّة في الأحكام الإسلامية"، وكتاب "الشامل في أصول الدّين"، وكتاب "البرهان في أصول الفِقه"، و"مدارك العُقُول" لم يتمُّه، وكتاب "غياث الأُمم في الإمامة"، وكتاب "مغيث الخلق في اختيار الأحقِّ"، و"غنية المسترشدين" في الخلاف.
وكان إذا أخذ في علم الصُّوفية وشرح الأحوال أبكى الحاضرين1.
وقد ذكره عبد الغافر في تاريخه فأسهب وأطْنَب، إلى أن قال: وكان يذكر في اليوم دروسًا يقع كلّ واحدٍ منها في عدّة أوراق، لا يتلعثم في كلمةٍ منها، ولا يحتاج إلى استدراك عثرةٍ، مارًّا فيها كالبرق بصوت كالرَّعد.
وما يوجد في كُتُبه من العبارات البالغة كُنْه الفصاحة غَيْض من فيض ما كان على لسانه، وغره من أمواج ما كان يعهد من بيانه، تفقّه في صباه على والده. وذكر التّرجمة بطولها.
وقال عليّ بن الحَسَن الباخَرْزِيّ في "الدُمْية"، وذكر الإمام أبا المعالي فقال: فالفقه فقه الشَّافعيِّ، والآدب أدب الأصمعيّ، وفي بصره بالوعظ الحَسَن البصْريّ. وكيف ما هو، فهو إمامُ كلّ إمام، والمستَعْلي بهمّته على كلّ هُمام.
والفائز بالظَّفر على إرغام كلّ ضِرْغام. إذا تصدَّر للفقه، فالمزنيّ من مُزْنَتِه قَطْرَه، وإذا تكلَّم فالأشعريّ من وفْرته شَعْرَه، وإذا خطب ألجم الفصحاء بالعي شقاشقه الهادرة، ولثم البلغاء بالصَّمت حقائقه البادرة.
وقد أخبرنا يحيى بن أبي منصور الفقيه وغيره في كتابهم عن الحافظ عبد القادر الرّهاويّ أنّ الحافظ أبا العلاء الهَمَذانيّ أخبره قال: أخبرني أبو جعفر الهَمَذانيّ الحافظ قال: سمعتُ أبا المعالي الْجُوَيْنيّ، وقد سُئل عن قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] فقال: كان الله ولا عرش. وجعل يتخبَّط في الكلام، فقلت: قد علِمنا ما أشرت عليه، فهل عندك للضّرورات من حيلة؟ فقال: ما تريد بهذا القول وما تعني بهذه الإشارات؟ فقلتُ: ما قال عارف قطّ يا ربّاه، إلَّا قبل أن يتحرّك لسانه قام من باطنه قصْدٌ، لا يلتفت يَمْنَةً ولا يَسْرةً، يقصد الفَوق. فهل لهذا القصد