جونة، فأخذ منها كسيرات، فبكى عمر، فقال أبو عبيدة: قد قلت لك: إنك ستعصر عينيك عليَّ يا أمير المؤمنين، يكفيك ما يبلغك المقبل. قال عمر: غيرتنا الدنيا كلنا غيرك يا أبا عبيدة1.
أخرجه أبو داود في سنته من طريق ابن الأعرابي.
وهذا والله هو الزهد الخالص، لا زهد من كان فقيرا معدما.
معن بن عيسى، عن مالك: أن عمر أرسل إلى أبي عبيدة بأربعة آلاف، أو بأربعمائة دينار، وقال للرسول: انظر ما يصنع بها، قال: فقسمها أبو عبيدة، ثم أرسل إلى معاذ بمثلها، قال: فقسمها، إلا شيئا قالت له امرأته نحتاج إليه، فلما أخبر الرسول عمر، قال: الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا2.
الفسوي: حدثنا أبو اليمان، عن جرير بن عثمان، عن أبي الحسن عمران ابن نمران، أن أبا عبيدة كان يسير في العسكر فيقول: ألا رُبَّ مبيض لثيابه، مدنس لدينه! ألا رب مكرم لنفسه وهو لها مهين! بادروا السيئات القديمات بالحسنات الحديثات.
وقال ثابت البناني: قال أبو عبيدة: يا أيها الناس! إني امرؤ من قريش، وما منكم من أحمر ولا أسود يفضلني بتقوى، إلا وددت أني في مسلاخه3.
معمر: عن قتادة، قال أبو عبيدة بن الجراح: وددت أني كنت كبشا، فيذبحني أهلي، فيأكلون لحمي، ويحسون مرقي4.
وقال عمران بن حصين: وددت أني رماد تسفيني الريح.
شعبة: عن قيس بن مسلم عن طارق: أن عمر كتب إلى أبي عبيدة في الطاعون: إنه قد عرضت لي حاجة، ولا غنى بي عنك فيها، فعجل إلي. فلما قرأ الكتاب، قال: عرفت حاجة أمير المؤمنين، إنه يريد أن يستبقى من ليس بباق، فكتب: إني قد عرفت حاجتك، فحللني من عزيمتك، فإني في جند من أجناد