وقال أبو عَبْد اللَّه الدّقّاق: وُلِدَ الشَّيْخ السديد أبو القاسم عَبْد الرَّحْمَن فِي سنة إحدى وثمانين، فِي السنة التي مات فيها أَبُو بَكْر بْن المقري.
قال: وفضائله ومناقبه أكثر من أن تُعَدّ، وأقول أَنَا: ومَن أَنَا لنشر فضيلته؟ سمع من أَبِيهِ، ثُمَّ سمى أشياخه، إِلَى أن قال: وكان صاحب خُلُق وفُتُوة، وسخاء وبهاء، والإجازة كَانَتْ عنده قوية.
وكان يقول: ما حدَّثتُ بحديث إلا على سبيل الإجازة، كي لا أُوبَق، فأدخل فِي كتاب أَهْل البِدْعة.
وله تصانيف كثيرة، ورُدُود جمَّة على المبتدعين والمنحرفين فِي صفات اللَّه تعالى وغيرها.
وقال أبو سعد السمعاني: له إجازة من زاهر، وعبد الرَّحْمَن بْن أَبِي شُرَيْح، وأبي عَبْد اللَّه الحاكم، وحمد بْن عَبْد اللَّه الأصبهاني ثُمَّ الرّازي، ومحمد بن عبد الله بن زكريا الجوزقي.
روى لنا عَنْهُ: أبو نصر الغازي، وأبو سعد الْبَغْدَادِي، وأبو عَبْد اللَّه الخلّال، وأبو بَكْر الباغْبان، وأبو عَبْد اللَّه الدّقّاق، وجماعة كثيرة.
قال ابن طاهر المقدسي: سمعتُ أَبَا علي الدّقّاق بإصبهان يقول: سمعتُ أَبَا القاسم بْن مَنْدَهْ يقول: قرأتُ على أَبِي أَحْمَد الفَرَضيّ ببغداد جزءًا فأردت أخْذَ خطّه بِذَلِك، فقال: يا بُنيّ، لو قال لك قائلٌ بإصبهان: ليس هَذَا خطّ فلان، بم كنت تجيبه؟ ومَن كان يشهد لك؟ قال: فبعد ذلك لم أطلب من شيخٍ خطًّا.
قال السمعاني: سمعتُ الْحُسَيْن بْن عَبْد الملك الخلّال يقول: سمعتُ أَبَا القاسم عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي عَبْد اللَّه الحافظ يقول: قد تعجَّبت من حالي فِي سَفَري وحَضَري مع الأقربين منّي والأبعدين، والعارفين بي والمُنْكِرين، فإنّي وجدتُ بمكة وبخُراسان وغيرهما من الآفاق التي قصدتها، من صِبايّ وإلى هَذَا الوقت، أكثر من لقيته بها، موافقًا أو مخالفًا، دعاني إِلَى مساعدته على ما يقوله، وتصديق قوله، والشهادة له فِي فِعْله على قبولٍ ورِضى، فإنْ كنت صدقته فيما كان يقوله، وأجزت له ذلك كما يفعل أَهْل هَذَا الزّمان، سماني موافقًا، وإنْ وقفتُ فِي حرف من قوله، وَفِي شيء من فِعله، سمَّاني مخالفًا، وإنْ ذكرت في واحد منهما أنَّ الكتاب والسُّنّة بخلاف ذلك