القاسم ابن المسلمة، ثُمَّ جعلوا فِي فكَّيْه كلوبين من حديد، فمات ليومه. وأُطْلِق قاضي القضاة.
وأما طُغْرُلْبَك فظفر بأخيه وقتله، وكاتب متولي عَانَة فِي رد الخليفة إِلَى داره مُكْرَمًا.
وذُكر لنا أن البساسيري عزم على ذلك لما بلغه أن طُغْرُلْبَك متوجه إِلَى العراق. وحصل الخليفة فِي مقر عزّه فِي الخامس والعشرين من ذي القعدة من سنة إحدى وخمسين.
ثُمَّ جهز طُغْرُلْبَك جيشًا، فحاربوا البساسيري بِسَقي الفُرات، وظفروا به، فقُتل وحمل رأسُه إِلَى بغداد.
وقال أبو الْحَسَن عَلِيّ بْن هبة اللَّه بْن عَبْد السّلام الكاتب: سمعت الأستاذ، وأبا الفضل مُحَمَّد بْن علي بْن عامر قال: دخلنا فِي يومنا هَذَا إِلَى المخزن، فلم يبق أحد لقيني إلا وأعطاني قصَّة، فامتلأ كمي بالرقاع، فلمَّا رَأَيْت كَثْرَتَها قلتُ: لو كان القائم بأمر اللَّه أخي لأَقلَّ المراعاة لي ولضجر مني.
وألقيتها فِي بركة، وكان القائم ينظر وأنا لا أعلم، فلمَّا وقفت بين يديه أمر بأخذ الرقاع من البركة، وبُسِطت فِي الشمس، ثُمَّ حُمِلت إليه، ووقَّع على الجميع. ثُمّ قال: يا عامّي، ما حملك على ما فعلت؟ وهل كنا عليك دركٌ فِي إيصالها إلينا؟ فقلتُ: خفت أن تملّ.
فقال: ويْحك، ما أطلقنا شيئًا من أموالنا، بل نَحْنُ خزّانهم فيها. واحذر أن تعود إِلَى ما فعلت.
قال أبو يَعْلَى بْن حَمْزَة بْن القلانِسيّ فِي "تاريخه": رُوي أن القائم لمّا اعتُقل نَوْبة البساسيري كتبَ قَصّةً ونفذها إِلَى بيت اللَّه مستعديا إِلَى اللَّه على من ظلمه، فَعلقت على الكعبة، وهي: "إِلَى اللَّه العظيم من المسكين عبده. اللَّهُمَّ إنَّك العالم بالسرائر، والمطَّلِع على الضمائر، اللهُم إنّك غنيٌّ بعلمك واطلاعك على خلقك، عن إعلامي، هَذَا عبدٌ قد كفر نِعَمك ومَا شَكَرها، وألقى العواقب وما ذكرها، أطغاه حلْمُك حَتَّى تعدَّى علينا بغْيا، وأساء إلينا عتوًا وعدوًا. اللَّهُمّ قلَّ الناصر، واعتزَّ الظالم، وأنت المطلع العالم، والمنصفُ الحاكم. بك نعتز عليه، وإليك نهربُ من يديه، فقد تعزَّز