العِلم، فمضى إِلَى درس الفقيه أَبِي بَكْر الطُّوسي، فلازمه حَتَّى فرغ من التعليق، ثُمَّ اختلف إِلَى الأستاذ أَبِي بَكْر بْن فُورَك الأُصُوليّ، فأخذ عَنْهُ الكلام والنَّظَر، حَتَّى بلغ فِيهِ الغاية، ثُمَّ اختلف إِلَى أَبِي إِسْحَاق الإسْفَرائيني، ونظر فِي تواليف ابن الباقِلّانيّ.
ثُمَّ زوَّجه أبو علي الدّقَاق بابنته فاطمة، فلمَّا تُوُفِّي أبو عليّ عاشَ أَبَا عَبْد الرَّحْمَن السُّلَمّي وصحِبه.
وكتب الخط المنسوبَ الفائق.
وبرع فِي عِلْم الفُروسية واستعمال السلاح، ودقَّق فِي ذلك وبالغ.
وانتهت إليه رئاسة التّصوُّف فِي زمانه؛ لِمَا أتاه اللَّه من الأهوال والمجاهدات، وتربية المُريدين وتذكيرهم، وعباراتهم العذْبة، فكان عديم النظير في ذلك، طيب النَّفس، لطيف الإشارة، غوّاصًا على المعاني.
صنَّف كتاب "نحر القلوب"، وكتاب "لطائف الإشارات"، وكتاب "الجواهر"، وكتاب "أحكام السماع"، وكتاب "آداب الصُّوفيّة"، وكتاب "عيون الأجوبة فِي فنون الأَسْوِلة"، وكتاب "المناجاة"، وكتاب "المنتهى فِي نُكَت أُولي النُّهَى"، وغير ذلك.
أنشدنا أبو الْحُسَيْن عليّ بْن مُحَمَّد، أَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد، أَنَا السِّلَفيّ، أَنَا القاضي حسن بْن نصر بْن مرهف بِنَهَاوَند، أنشدنا أبو القاسم القُشَيْريّ لنفسه:
البدرُ من وجهكَ مخلوقُ ... والسِّحْر من طَرْفِك مسروقُ
يا سيّدًا يتمَّنَى حُبّهُ ... عَبْدُكَ من صَدِّكَ مرزوقُ1
سمع من: أَبِي الْحُسَيْن الخفاف، وأبي نعيم الإسفراييني، وأبي بَكْر بْن عَبْدُوس الحِيريّ، وعبد اللَّه بْن يوسف الأصبهاني، وأبي نُعَيْم أَحْمَد بْن مُحَمَّد المهرجانيّ، وعلي بن أَحْمَد الأهوازي، وأبي عَبْد الرَّحْمَن السُّلَميّ، وأبي سَعِيد مُحَمَّد بْن إِبْرَاهِيم الإسماعيليّ، وابن باكوَيْه الشّيرازيّ بنَيْسابور.
ومن: أَبِي الْحُسَيْن بْن بشْران، وغيره.
وكان إمامًا قُدوة، مفسِّرًا، محدِّثًا، فقيهًا، متكلِّمًا، نَحْويًّا، كاتبًا، شاعرًا.