وقال أبو الحسين بْن الطُّيُوريّ: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه:

تغيب الخلق عن عيني سوى قمرٍ ... حسْبي من الخلْقِ طُرًّا ذلكَ القمرُ

محلُّه فِي فؤادي قد تملَّكَه ... وحاز رُوحي فَمَا لي عَنْهُ مصطبرُ

والشّمسُ أقربُ منه فِي تناولها ... وغايةُ الحظّ منه للوَرَى النّظرُ

ودِدْتُ تقبيلَه يومًا مُخَالَسَةً ... فصار من خاطري فِي خدّه أثرُ

وكم حليمٍ رآه ظنَّه مَلَكًا ... وردَّد الفِكر فِيهِ أنّه بشر

وقال غيث الأرمنازيّ: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه:

إن كنتَ تَبْغي الرَّشادَ مَحْضًا ... لأمرِ دُنياك والمَعَادِ

فخالِفِ النَّفْس فِي هواها ... إن الهوى جامعُ الفسادِ

وقال أَبُو القاسم النسيب: أنشدنا أَبُو بَكْر الخطيب لنفسه:

لا تغبطنَّ أخا الدُّنيا لزُخْرُفِها ... ولا لِلَذَّةِ وَقْتٍ عُجِّلَتْ فَرَحَا

فالدَّهْرُ أسْرَعُ شيءٍ فِي تَقَلُّبه ... وفِعْلُهُ بَيِّنٌ للخَلْق قد وَضَحا

كم شاربٍ عسلًا فِيهِ مَنِيَّتُهُ ... وكم تقلَّد سيفًا من به ذُبِحا1

65- أَحْمَد بْنُ عَبْد اللَّه بْنُ أَحْمَد بْن غالب بْنُ زيدون2:

أَبُو الْوَلِيد المخزومي الأندلسي القُرْطُبي، الشّاعر المشهور.

قال ابن بسام: كان أَبُو الْوَلِيد غاية منثور ومنظوم، وخاتمة شعراء بني مخزوم، أحدُ من جرَّ الأيام جرًّا، وفاق الأنام طُرًّا، وصرَّف السّلطان نَفْعًا وضُرًّا، ووسَّع البيانَ نظْمًا ونثرًا، إِلَى أدبٍ ليس للبر تدفقه، ولا للبدر تألفه، وشِعرٍ ليس للسِّحْر بيانُه، ولا للنّجوم اقترانُه، وحظٍّ من النَّثْر غريب المباني، شعْريّ الألفاظ والمعاني، وكان من أبناء وجود الفقهاء بقرطبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015