فلمّا تفرَّق الحَكَمَان خطب معاويةُ فقال: مَن كان يريد أن يتكلّم فِي هَذَا الأمر فليطلع إلى قرنه فلنحن أحق بهذا الأمر منه ومن أَبِيهِ -يعرِّض بابن عُمَر- قال ابن عُمَر: فحَلَلْتُ حَبْوَتي وَهَمَمْتُ أن أقول: أحق من قاتلك وأباك على الإسلام. فخشيت أن أقول كلمةً تفرِّق الجمعَ وَتَسْفِكُ الدَّمَ، فَذَكَرَتْ مَا أعدّ الله فِي الجنان1.
قَالَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ يَعْلَى، عَنْ نَافِعٍ قَالَ: قَالَ أَبُو مُوسَى: لا أَرَى لَهَا غَيْرَ ابْنِ عُمَرَ، فَقَالَ عَمْرٌو لابْنِ عُمَرَ: أَمَا تريد أن نبايعك؟ فهل لك أن تُعطي مَالا عَظِيمًا عَلَى أَنْ تَدَعَ هَذَا الأَمْرَ لِمَنْ هُوَ أَحْرَصُ عَلَيْهِ مِنْكَ.
فَغَضِبَ ابْنُ عمر وقام. رواه مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ.
وفيها أخرج عليٌ سهل بْن حُنَيْف على أَهْل فارس، فمانَعُوه، فوجّه عليٌّ زيادًا، فصالحوه وأدُّوا الخَرَاج.
وفيها قال أَبُو عبيدة: خرج أَهْل حَرُوراء2 فِي عشرين ألفًا، عليهم شَبَثُ بْن رِبْعيّ، فكَّلمهم عليّ فحاجَّهُم، فرجعوا.
وقال سُلَيْمَان التَّيْميّ، عن أَنَس قَالَ: قَالَ شَبَثُ بْن رِبْعيّ: أَنَا أوّل من حرَّر الْحَرُورِيَّةَ، فقال رَجُل: مَا فِي هَذَا مَا تمتدح به.
وعن مُغِيرَةَ قَالَ: أوّل من حكم ابن الكَوَّاء وشَبَث.
قلت: معنى قوله "حكم" هذه كلمة قد صارت سِمَةً للخَوارج. يُقَالُ "حكم" إذا خرج فقال: لا حكم إلا لله.
سَنَة ثَمانٍ وَثَلَاثِين:
فيها وجَّه مُعَاوِيَة من الشام عبد الله بن الحَضْرميّ فِي جيشٍ إِلَى البصرة ليأخذها، وبها زياد ابن أَبِيهِ من جهة عليّ، فنزل ابن الْحَضْرَمِيّ فِي بني تميم وتحول زياد إِلَى الأزد، فنزل على صَبِرة بْن شَيْمان الحُدَّانيّ.
وكتب إِلَى عليّ فوجّه عليّ أَعْيَنَ بْن ضُبَيْعَة المُجَاشِعِيّ، فقتل أعْين غِيلةً على فراشه. فندب علي