وقد شُوُهِدَ له من الحال ما يُغْني عن المثال، لا سيما مذهب الْإِمام أَحْمَد، واختلافات الرّوايات عنه، وما صحَّ لديه منه، مع معرفته بالقرآن وعلومه، والحديث، والفتاوى، والْجَدَل، وغير ذلك من العلوم، مع الزهد والورع، والعفة القناعة، والانقطاع عن الدُنيا وأهلها، واشتغاله بالعِلْم ونشره.

وكان أبوه أحد شهود الحضرة1، قد درس على الفقيه أبي بكر الرّازيّ مذهب أبي حنيفة، وتوفِّي سنة تسعين، وكان سِنّ الوالد إذ ذاك عشر سنين إِلَّا أيَّامًا، وكان وصيه رجل يعرف بالحربي يسكن بدار القَزّ، فنقله من باب الطَّاق إلى شارع دار القَزّ، وفيه مسجد يُصلِّي فيه شيخ يُعرف بابن مفرحة المقرئ يُقرئ القُرآن، ويُلَقِّن العبارات من مُختصر الخِرَقِيّ، فلقَّن الوالد ما جرت عادته، فاستزاده، فقال: إنْ أردت الزِّيادة فعليك بالشّيخ أبي عبد اللَّه بن حامد، فإنَّهُ شيخ الطَّائِفة، ومسجده بباب الشَّعير، فمضى الوالِد إليه، وصحبه إلى أن توفِّي ابن حامد سنة ثلاث وأربعمائة، وتفقَّه عليه.

ولمَّا خَرَج ابن حامد إلى الحج سنة اثنتين وأربعمائة سأله محمد بن عليّ على مَنْ ندرس؟ وإلى مَنْ نجلس؟ فقال: إلى هذا الفتى. وأشار إلى الوالد.

وقد كان لابن حامد أصحابٌ كُثُر2، فتفرَّس في الوالد ما أظهره اللَّه عليه.

وأوَّل سماعه للحديث سنة خمسٍ وثمانين وثلاثمائة من السُّكّريّ، ومن موسى بن عيسى السَّرّاج، وأبي الحسن عليّ بن معروف.

وسمَّى جماعة، ثم قال: ومن أبيه، ومن القاضي أبي محمد بن الأكفانيّ، ومن أبي نصر بن الشّاه.

وسمع بمكَّة، ودمشق، وحلب3.

قلت: سمع بدمشق من عبد الرحمن بن أبي نصر التَّميميّ4.

قال: ولو بالَغْنَا في وَصْفِهِ لكُنَّا إلى التّقصير فيما نذكُرُه أقرب؛ إذ انتشر على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015