ثمّ خرج الَمهتدي إلى مجلسه وعليه ثياب بيض، مقلَّدًا سيفًا، ثمّ أمر بإدخالهم إِلَيْهِ، فقال: قد بلغني شأنكُم، ولست كمن تقدَّمني مثل المستعين والمعتز. والله ما خرجت إليكم إلَا وأنا متحنّط وقد أوصيت، وهذا سيفي، والله لأضربنّ به ما استمسك قائمته بيدي. أما دِين! أما حَيَاء! إمَا رِعة! كم يكون الخلَاف عَلَى الخلفاء والْجُرأة عَلَى اللَّه؟! ثمّ قَالَ: ما أعلم عِلم صالح.
قَالُوا: فاحِلفْ لنا.
قَالَ: إذا كَانَ يوم الجمعة، وصلَّيت الجمعة، حلفتٌ لكم. فرضوا وانفصلوا عَلَى هذا [1] .
ثمّ ورد إذْ ذاك مالٌ مِن فارس نحو من عشرة آلاف ألف درهم، فانتشر فِي العامة أنّ الأتراك عَلَى خلْع المهتدي، فثار العامّة والقُوّاد، وكتبوا رقاعًا ألقوها فِي المساجد: يا معشر المسلمين، ادعوا لخليفتكم العدْل الرّضا المضاهي لعمر بْن عَبْد العزيز أنْ ينصره اللَّه عَلَى عدوّه. وراسل أهل الكَرْخ والدُّور المهتدي باللَّه فِي الوثوب عَلَى مُوسَى بْن بُغَا والأتراك، فجزاهم خيرا ووعدهم بالخير [2] .
وفيها تحوّل الزَّنج وقربوا مِنَ البصرة، وأخذوا مراكب كثيرة بأموالها، فتهيأ سعَيِد الحاجب لحربهم [3] .
وفي أول جُمَادَى الآخرة رحل مُوسَى بْن بغا وبايكباك في طلب مساور.