قد جمعه الخلّال في مصَّنفٍ سماه «كتاب السنة» عن أحمد بن حنبل في ثلاث مجلَّدات، فممّا فيه:
أنبا المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: مَن تعاطى الكلام لا يُفْلح، من تعاطى الكلام لم يَخْلُ من أن يتجهَّم.
وسمعتُ أبا عبد الله يقول: لست أتكلَّم إلا ما كان من كتاب أو سنة، أو عن الصّحابة والتّابعين. وأمّا غير ذلك فالكلام فيه غير محمود.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَن أحبّ الكلام لم يفلح، لا يؤول أمرُهم إلى خير.
وسمعته يقول: عليكم بالسنة والحديث وإيّاكم والخوض والجدال والمِراء، فإنّه لا يُفْلح من أحبّ الكلام.
وقال لي: لا تجالِسْهم، ولا تكلّم أحدًا منهم.
ثم قال: أدركنا الناس وما يعرفون هذا، ويجانبون أهلَ الكلام.
وسمعته يقول: ما رأيتُ أحدًا طلب الكلام واشتهاه فأفلح لأنه يخرجه إلى أمر عظيم. لقد تكلّموا يومئذٍ بكلام، واحْتَجّوا بشيءٍ ما يَقْوَى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه.
قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ثنا أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: قال أيّوب: إذا تمرّق أحدكم لم يَعد.
وقال الخلال: أنا أحمد بن أصرم المُزَنيّ قال: حضرتُ أحمد بن حنبل قال له العبّاس الهَمْدانيّ: إنّي رُبّما رَدَدْت عليهم.
قال أحمد: لا ينبغي الجدال.
ودخل أحمد المسجد وصلّى، فلمّا انفتل قال: أنت عبّاس؟
قال: نعم.
قال: اتقِ الله، ولا ينبغي أن تَنْصب نفسك، وتشتهر بالكلام ولا بوضْع الكُتُب. لو كان هذا خيرًا لتقدَّمنا فيه الصّحابة. لم أرَ شيئًا من هذه في الكُتُب، وهذه كلّها بدعة.