مالك. ثُمَّ رجع إلى المدينة يسمع ذَلِكَ من مالك، فوجده عليلًا، فأقام بالمدينة إلى أن توفيّ مالك رَحِمَهُ اللَّه، وحضر جنازته.
وسمع أيضًا من: القاسم بْن عَبْد اللَّه العُمَريّ، وأنس بْن عياض الليثي، وطائفة.
وقيل: إنه سَمِعَ من نافع بْن أَبِي نُعَيْم قارئ المدينة، وما أحسبه أدركه.
روى عَنْهُ خلق من علماء الأندلس، وانتفعوا بِهِ وبعلمه وفضله. ونال من الرئاسة والحُرْمة الوافرة ما لم ينله غيره.
حمل عَنْهُ: ولده أَبُو مروان عُبَيْد اللَّه، وَمحمد بْن الْعَبَّاس بْن الوليد، وَمحمد بْن وضّاح، وبقيّ بْن مخلد، وصباح بْن عَبْد الرَّحْمَن العتقي، وآخرون.
وكان أَحْمَد بْن خَالِد بْن الحباب يَقُولُ: لم يُعْط أحد من أهل العلم بالأندلس من الحظوة وعِظم القدر وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بْن يحيى.
ويذكر أن يحيى بْن يحيى كَانَ عَنْد مالك، فخطر الفيل عَلَى باب مالك، فخرج كل من كَانَ فِي مجلسه لرؤيته سوى يحيى. فأعجب ذَلِكَ مالكًا، وسأله:
من أنتَ وأين بلدك؟ ولَم يزل مُكْرمًا عنده [1] .
وعن يحيى بْن يحيى قَالَ: أخذت بركاب الليث، فأراد غلامه أن يمنعني، فقال الليث: دعه. ثُمّ قَالَ لي: قد خدمك العلم. فلم فلم تزل بي الأيام حتى رأيت ذَلِكَ [2] .
وقيل: إن عَبْد الرَّحْمَن بْن الحكم أمير الأندلس نظر إلى جارية فِي رمضان، فلّم يملك نفسه أن واقعها. فندم وطلب الفقهاء. فحضروا، فسألهم عَنْ توبته، فقال يحيى: صم شهرين متتابعين. فسكتوا.
فلمّا خرجوا قَالُوا ليحيى: ما لك لم تُفْته بمذهبنا عَنْ مالك، أنّه يخيّر بين العتق والصّوم والإطعام؟