فيمَن حُمِلَ، مُكَبَّلٌ بالحديد من بلاده، فأُدْخِلَ. فقال ابن أَبِي دُؤاد: تقولُ أَوْ أقول؟
قَالَ: هذا أوّل جوركم. أخرجتم النّاس من بلادهم، ودعوتموهم إلى شيء.
لا، بل أقول.
قَالَ: قُلْ. والواثق جالس.
فقال: أخبرني عَنْ هذا الرأي الَّذِي دَعْوتُم النّاس إِلَيْهِ، أَعَلِمَهُ رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فلم يدعُ النَّاس إِلَيْهِ، أم شيء لم يَعْلَمْه؟
قَالَ: عَلِمَه.
قَالَ: فكانَ يسعه أن لا يدعو النّاس إِلَيْهِ، وأنتم لا يسعكم.
قَالَ: فبُهِتُوا.
قَالَ: فاستضحك الواثق، وقام قابضًا عَلَى فمه، ودخل بيتًا ومدَّ رِجْليه وهو يَقُولُ: وَسِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أن يسكت عنّا ولا يسعنا. فأمر أن يعطى ثلاثمائة دينار، وأن يُردّ إلى بلده [1] .
وعن طاهر بْن خَلَف: سمعتُ المهتدي باللَّه بْن الواثق يَقُولُ: كَانَ أَبِي إذا أراد أن يقتل رجلًا أَحْضَرَنا. فأُتِيَ بشيخ مخضوب مقيَّد، وقال أَبِي: ائذنوا لابن أَبِي دُؤاد وأصحابه. وأُدْخِلَ الشيخ فقال: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقَالَ: لا سلَم اللَّه عليك.
قَالَ: بئس ما أدَّبك مؤدِّبُك. قَالَ اللَّه تعالى: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها 4: 86 [2] .
قلت: هذه حكاية مُنْكرَة، ورُواتُها مَجاهيل، لكن نسوقها.
قَالَ: فقال ابن أَبِي دُؤاد: يا أمير المؤمنين الرجل متكلِّم.
فقال لَهُ: كلِّمْهُ.
فقال: يا شيخ ما تقولُ فِي القرآن؟.
قال: لم تنصفني، ولي السؤال.