وقيل إن إسحاق النّديم كان يكرهُ أن يُنسب إلى الغناء ويقول: لأن أُضْرَبَ على رأسي بالمقارع، أحبُّ إليّ من أن يُقالَ عَنِّي مُغَنِّي.
وقال المأمون: لولا شُهْرَته بالغناء لولَّيتُه القضاء.
وقيل: كان لإسحاق المَوْصِليّ غُلامٌ اسمه فتح يستقي الماء لأهل داره دائمًا على بَغْلٍ، فقال يومًا: ما في هذا البيت أشقى مني ومنك، أنت تُطعمهم الخُبز، وأنا أسقيهم الماء. فضحك إسحاق وأعتقه، ووهبه الْبَغْلَ.
الصّوليّ: نا أبو العَيْنَاء، نا إسحاق الْمَوْصِليّ قال: جئتُ أبا معاوية الضّرير، معي مائة حديث، فوجدتُ ضريرًا يحجبه لينفعه. فوهبته مائة درهم، فاستأذنَ لي. فقرأتُ المائة حديث، فقال لي أبو معاوية: هذا مُعْيل ضعيف، وما وعدته تأخذه من أذناب النّاس، وأنتَ أنتَ.
قلتُ: قد جعلتها مائة دينار.
قال: أحسنَ اللَّه جزاءَك [1] .
وقال إسحاق: أنشدتُ للأصمعي شعرًا لي، على أنّه لشاعر قديم:
هل إلى نظرة إليكَ سبيلُ ... يُرْوَى منها الصَّدَى ويُشْفَى الغليلُ
إنّ ما قلّ منكِ يَكثرُ عندي ... وكثيرٌ من الحبيب القليلُ
فقال: هذا الدّيباجُ الخُسرُوَانيّ.
قلتُ: إنّه ابن ليلته.
فقال: لا جَرَمَ فيه أَثرُ التَّوليد.
قلتُ: ولا جَرَمَ فيك أَثَرُ الحَسَد [2] .
وقال أبو عِكْرِمَة الضَّبّيّ: ثنا إسحاق الْمَوْصِليّ قال: دخلتُ على الرشيد وأنشدته:
وآمِرَةٍ بالبُخْلِ قلتُ لَها: اقْصِري [3] ... فذلك شيء ما إليه سَبيلُ
أرَى النّاس خِلان الجواد، ولا أرى ... بَخيلًا له في العالمين خليل [4]