خَلْقًا عظيمًا، وسبَى خلقًا، حتّى قيل إنّ المَقْتَلة بلغت ثلاثين ألفًا، وسار إلى تَفْلِيس [1] .
وفيها بعثَ المتوكّل إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة بِمصر أبي بكر محمد بْن أبي اللَّيْث، وأن يضربه، ويطوف به على حِمَار. فَفُعِلَ ذلك به في شهر رمضان، وسجن [2] ، ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ 2: 156. اللَّهُمَّ لا تأجرهُ في مصيبته، فإنّه كان ظالما من رءوس الْجَهْميّة [3] .
ثُمَّ ولي القضاء الحارث بْن مسكين بعد تمنُّع، وأمر بإخراج أصحاب أبي حنيفة والشافعي من المسجد، ورُفِعَتْ حُصُرُهم، ومنع عامّة المؤذّنين من الأذان. وكان قد أُقعِد، فكان يُحمل في مَحَفّة إلى الجامع. وكان يركبُ حمارًا متربّعًا. وضرب الذين يقرءون بالألحان. وحمله أصحابُه على النّظر في أمر القاضي الذي قتله محمد بْن أبي الليث، وكانوا قد لعنوهُ لَما عُزِل، ورفعوا حُصُرَهُ، وغسّلوا موضعه من المسجد. فكان الحارث بْن مسكين يُوقِف القاضي محمد بْن أبي اللَّيْثِ، ويُضْرَب كلّ يوم عشرين سَوْطًا، لكي يؤدّي ما وجب عليه من الأموال. وبقي على هذا أيّامًا [4] .
وعُزِلَ الحارث بعد ثمان سِنين ببكّار بن قتيبة [5] .