قال الحاكم في «تاريخه» في حقّه: أديب، فقيه، حافظ، زاهد، واحد عصره، وكان لا يُحَدِّث إلّا بعد الجهد، وأكثر ما أخذ عنه الحكايات والزهديات، قرأتُ بخط أبي عَمْرو المستملي: سَمِعْتُ محمد بن عبد الوهّاب يقول: ما رأيت مثل عليّ بن عثّام في العُسْر في الحديث. وكان يقول: النّاس لا يُؤْتَوْن من حليم. يجيء الرجل، فَيسأل، فإذا أخذ غلط، ويجيء الرجل فيأخذ ثمّ يصحّف، ويجيء الرجل، فيأخذ ليُماري صاحبه، ويجيءُ الرجل، فيأخذ ليُباهي به، وليس عليّ أن أعلم هؤلاء، إلّا رجل يجيئني، فيهتمّ لأمر دينه، فحينئذٍ لا يَسَعَني أن أمنعه.
وقال: سَمِعْتُ عليّ بن عثّام، وكان من أفصح النّاس يقول: دَنّت إلينا دانّة من بني هلال، وهم من أفصح النّاس، فخرج عليّ بعضهم بُنيٌّ له فقال: يا أبه، إنّ فلانًا دفعني في حَوْمة الماء.
قلت: يا بني، وما حَوْمة الماء.
قال: بُعْثُطة.
قلت: وما بُعْثُطة؟.
قال: مَجمّة الماء.
قلت: وما مجمّة؟.
فقال: كلمة لم أحفظها [1] .
قال محمد بن عبد الوهّاب: ورد عليّ بن عثّام نَيْسابور سنة خمسٍ ومائتين، فسكنها، فلمّا ورد عبد الله بن طاهر، بعث إليه يسأله حضور مجلسه، فأبى عليه، وتشفّع بإسحاق بن رَاهَوَيْه حَتّى أعفاه، ثمّ خرج من نَيْسَابُور سنة خمسٍ وعشرين ومائتي، فحجّ وذهب إلى طَرَسُوس، فسكنها إلى أن تُوُفّي بِطَرَسُوس سنة ثمان وعشرين [2] .