لم يُسْمع لخليفةٍ بمثله، فإنّه قد شتّت جُموعهم، وخرّب ديارهم، وكان ملكهم تُوفيل بن ميخائيل بن جرجس قد نزل على زِبَطْرة في مائة ألف، ثمّ أغار على مَلْطِية، وعَمّ بلاؤه. وفي ذلك يقول إبراهيم بن المهديّ:
يا غيرةَ الله [1] قد عانيتِ فانتقمي [2] ... هَتَك النّساء وما منهنّ يرتكبُ
هَبِ الرجالَ على أجرامها قُتِلَتْ ... ما بالُ أطفالها بالذَّبْح تُنْتَهَبُ؟
فلمّا سمِع المعتصم هذا الشِّعْر خرج لوقته إلى الجهاد [3] ، وجرى ما جرى.
وكان على مقدّمته أشناس التُّرْكيّ، وعلى مَيْمنته إيْتاخ التُّركيّ، وعلى المَيْسَرة جعفر بن دينار، وعلى السّاقة بغا الكبير [4] ، وعلى القلب عُجَيْف [5] ودخل من الدُّروب الشّاميّة، وكان في مائتي ألف على أقلّ ما قيل، والمكثر يقول: كان في خمسمائة ألف [6] .
ولما افتتح عَمُّورية صمّم على غزو القُسْطنطينيّة، فأتاه ما أزعجه من أمر العبّاس ابن المأمون، وأنّه قد بُويع، وكاتبَ طاغية الروم، فَقَفَلَ المعتصم، وقبض على العبّاس ومُتَّبعيه وسجنهم [7] .