ولي إمرة الكوفة سنة أربعٍ ومائتين، وحجّ بالنّاس سنة سبْعٍ، وكان موصوفًا بحُسْن الصّورة، وكمال الظرف، وله أدب وشعر جيد.

قَالَ الصُّوليّ [1] : حدَّثني عَبْد اللَّه بْن المعتز قَالَ: كَانَ أبو عيسى ابن الرشيد أديبًا ظريفًا، إذا عمل بيتين أو ثلاثة جوَّدَها.

فمن شعره:

لساني كتوم لأسراركم ... ودمعي نَمُوم بسِرّي مُذيعُ

فلولا دموعي كَتَمْتُ الهوى ... ولولا الهوى لم تكن لي دموع

وقال شيخ بْن حاتم العُكْليّ: ثنا إِبْرَاهِيم بْن محمد قَالَ: انتهى جمال ولد الخلافة إلى أولاد الرشيد. كان فيهم الأمين، وأبو عيسى. لم ير الناس أجمل منه قط. كان إذا أراد الركوب جلس له الناس حتى يروه أكثر مما يجلسون للخلفاء [2] .

وقال الغلابي: ثنا يعقوب بْن جعفر قَالَ: قَالَ الرشيد لابنه أَبِي عيسى وهو صبيّ: ليت جمالك لعبد اللَّه، يعني المأمون.

فقال: عَلَى أنّ حظَّه لي.

فعجب من جوابه عَلَى صغره، وضمّه إِلَيْهِ وقبّله [3] .

وقيل إنّ المأمون كلّم أخاه أبا عيسى بشيء فأخجله فقال:

يكلّمني ويَعْبَثُ بالْبَنَان ... من التشويش مُنْكَسِر اللّسان

وقد لعِب الحياءُ بِوَجْنَتَيْه ... فصار بياضُها كالأُرْجُوان

وقال الصُّوليّ: ثنا الحُسين بْن فهم قَالَ: لما قَالَ أبو عيسى بْن الرشيد:

دهاني شهر الصَّوْمِ لا كَانَ من شَهْرِ ... ولا صُمْتُ شَهْرًا بعده آخِر الدَّهرِ

ولو كَانَ يُعْديني الإمامُ بقُدْرةٍ ... على الشّهر لاستعديت جهدي على الشهر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015