وكاتمُ عِلْم الدِّين عمّن يُرِيدُهُ يَبُوء بأَوْزارٍ [1] وآثِمٍ إذا كَتَم [2] وقال الحافظ ابن مَنْدَه: حدَّثَ عَنِ الربيع قَالَ: رأيت أشهب بْن عَبْد العزيز ساجدًا، وهو يَقُولُ في سجوده: اللَّهمّ أمت الشّافعيّ ولا تذهب عِلْم مالك.

فبلغ الشّافعيّ ذَلِكَ، فتبسّم وأنشأ يَقُولُ:

تمنّى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد

فقل للذي يبغي خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد

وقد علموا لو ينفع العلم عندهم ... لئن مت ما الداعي عليّ بمُخلدِ [3] .

وقال المُبَرِّد: دخل رجلٌ على الشّافعيّ فقال: إنّ أصحاب أَبِي حنيفة لفصحاء، فأنشد الشّافعيّ يَقُولُ:

فلولا الشِّعْرُ بالعُلَماء يُزْري ... لَكُنْتُ الْيَوْمَ أَشْعَرَ من لَبِيدِ

وأَشْجَعَ في الْوَغَى من كلّ لَيْثٍ ... وَآلِ مُهَلَّبٍ وأبي يزيد

ولولا خشيةُ الرَّحْمَن ربّي ... حَسِبْتُ النّاس كُلَّهُمُ عبِيدي [4] .

قَالَ الحاكم: أخبرني الزُّبَيْر بْن عَبْد الواحد الحافظ، أَنَا أبو عُمارة حمزة بْن عليّ الجوهريّ، ثنا الربيع بْن سليمان قَالَ: حَجَجْنا مَعَ الشّافعيّ، فما ارتقى شُرُفًا، ولا هبط واديًا، إلّا وهو يبكي وينشد:

يا راكبًا قفْ بالمُحَصَّبِ من مِنَى ... واهتِفْ بقاعد خِيفِها والنّاهضِ

سَحَرًا إذا فاض الحَجيجُ إلى مِنَى ... فَيْضًا كمُلْتَطَم الفرات الفائض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015