الصُّفُوفَ بِنَفْسِهِ، وَرَجَعَ إِلَى الْعَرِيشِ وَمَعَهُ أَبُو بكر فقط. فجعل يناشد ربّه ويقول: يا ربّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ الْيَوْمَ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ. وَأَبُو بَكْرٍ يَقُولُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، بَعْضُ مُنَاشَدَتِكَ رَبِّكَ. فَإِنَّ اللَّهَ مُنْجِزٌ لك ما وعدك. ثم خفق [1] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَبَهَ وَقَالَ: أَبْشِرْ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَتَاكَ النَّصْرُ، هَذَا جِبْرِيلُ آخِذٌ بِعَنَانِ فَرَسِهِ يَقُودُهُ، عَلَى ثَنَايَاهُ النَّقْعُ. فَرُمِيَ مِهْجَعٌ- مَوْلَى عُمَرَ- بِسَهْمٍ، فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. ثُمَّ رُمِيَ حَارِثَةُ بْنُ سُرَاقَةَ النَّجَّارِيُّ بِسَهْمٍ وَهُوَ يَشْرَبُ مِنَ الْحَوْضِ، فَقُتِلَ.

ثُمَّ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى النَّاسِ يُحَرِّضُهُمْ عَلَى الْقِتَالِ. فَقَاتَلَ عُمَيْرُ ابْنُ الْحُمَامِ حَتَّى قُتِلَ. ثُمَّ قَاتَلَ عَوْفُ بْنُ عَفْرَاءَ- وَهِيَ أُمُّهُ- حَتَّى قُتِلَ ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَى الْمُشْرِكيِنَ بِحَفْنَةٍ مِنَ الْحَصْبَاءِ وَقَالَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ. وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: شُدُّوا [2] عَلَيْهِمْ. فَكَانَتِ الْهَزِيمَةُ، وَقَتَلَ اللَّهُ مَنْ قَتَلَ مِنْ صَنَادِيدِ الْكُفْرِ: فَقُتِلَ سَبْعُونَ وَأُسِرَ مِثْلُهُمْ. وَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْعَرِيشِ. وَقَامَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ عَلَى الْبَابِ [9 ب] بِالسَّيْفِ فِي نَفَرٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، يَخَافُونَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كرة الْعَدُوِّ.

ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ: إِنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالًا من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها لَا حَاجَةَ لَهُمْ بِقِتَالِنَا، فَمَنْ لَقِيَ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ فَلَا يَقْتُلْهُ، وَمَنْ لَقِيَ أَبَا الْبَخْتَرِيِّ بْنَ هَاشِمِ بْنِ الْحَارِثِ [3] فَلَا يقتله، ومن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015