اللَّهِ، وَأَنِّي قَدْ تَزَوَّجْتُهَا وَأَمْهَرْتُهَا دَارِي. فَقَالَ جَعْفَرُ بْنُ يَحْيَى: انْهَضْ بِنَا.
فَدَعَوْتُ الْحَمَّالِينَ لِيَحْمِلُوا الذَّهَبَ، فَقَالَ جَعْفَرٌ: وَاللَّهِ لا يَصْحَبُنَا مِنْهُ دِرْهَمٌ.
وَقَالَ لِمَوْلاهَا: أَنْفِقْهُ عَلَيْكُمَا [1] .
وَقِيلَ لَمَّا نُكِبَ الْبَرَامِكَةُ وُجِدَ فِي خَزَائِنِ جَعْفَرٍ جَرَّةٌ فِيهَا أَلْفُ دِينَارٍ فِي الدِّينَارِ مِائَةُ دِينَارٍ سِكَّتَهُ.
وَأَصْفرٌ مِنْ ضَرْبِ دَارِ الْمُلُوكِ ... ، يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ
يَزِيدُ عَلَى مِائَةٍ وَاحِدًا ... مَتَى يُعْطَهُ مُعْسِرٌ يُوسِرُ [2]
مُثَنَّى بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ مُؤَدِّبُ الْبَرَامِكَةِ قَالَ: أَمَرَ جَعْفَرٌ أَنْ يُضْرَبَ لَهُ دَنَانِيرُ، زِنَةُ الدِّينَارِ ثَلاثُمِائَةِ مِثْقَالٍ، وَيُصَوَّرَ عَلَيْهِ صُورَتُهُ. وَهُوَ مُرَادُ أَبِي الْعَتَاهِيَةِ بِقَوْلِهِ:
يَلُوحُ عَلَى وَجْهِهِ جَعْفَرُ [3] .
قَالَ صاحب «الأَغَانِي» أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ الرَّبِيعِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى قَالَ: شَهِدْتُ أَبِي وَهُوَ يُحَدِّثُ جَدِّي يَحْيَى، وَأَنَا صَغِيرٌ، عَنْ بَعْضِ خَلَوَاتِهِ مَعَ الرَّشِيدِ فَقَالَ: يَا أَبَهْ، أَخَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِيَدِي، ثُمَّ أَقْبَلَ فِي الْحُجَرِ يَخْتَرِقُهَا، حَتَّى انْتَهَى إِلَى حُجْرَةٍ فَفُتِحَتْ لَهُ، وَرَجَعَ مَنْ كَانَ مَعَنَا. ثُمَّ صِرْنَا إِلَى حُجْرَةٍ، فَفَتَحَهَا بِيَدِهِ، ودخلنا معا، وأغلقها من داخل، ثُمَّ صِرْنَا إِلَى رِوَاقٍ، وَفِي صَدْرِهِ مَجْلِسٌ مُغْلَقٌ، فَقَعَدَ عَلَى بَابِهِ وَنَقَرَهُ، فَسَمِعْنَا حِسًّا، ثُمَّ نَقَرَ، فَسَمِعْتُ صَوْتَ عُودٍ، فَغَنَّتْ جَارِيَةٌ، مَا ظَنَنْتُ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ مِثْلَهَا فِي حُسْنِ الْغِنَاءِ، فَقَالَ لَهَا: غَنِّي صَوْتِي، فَغَنَّتْ:
وَمُحَبَّبٌ شَهِدَ الرِّفَاقُ مَقْتَلَهُ ... غَنَّى الْجَوَارِي حَاسِرًا وَمُنَقَّبَا
لَبِسَ الدَّلالَ وَقَامَ يَنْقُرُ دُفَّهُ ... نَقْرًا أقرّ به العيون وأطربا