37- الْبُهْلُولُ الْمَجْنُونُ [1] .
هُوَ الْبُهْلُولُ بْنُ عَمْرٍو، أَبُو وُهَيْبٍ الصَّيْرَفِيُّ الْكُوفِيُّ.
وُسْوِسَ فِي عَقْلِهِ، وَمَا أَظُنُّهُ اخْتَلَطَ، أَوْ قَدْ كَانَ يَصْحُو فِي وَقْتٍ. فَهُوَ مَعْدُودٌ فِي عُقَلاءِ الْمَجَانِينِ.
لَهُ كَلامٌ حَسَنٌ وَحِكَايَاتٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْ: عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، وَعَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، وَأَيْمَنَ بْنِ نَابُلٍ. وَمَا تَعَرَّضُوا لَهُ بِجَرْحٍ وَلا تَعْدِيلٍ. وَلا كَتَبَ عَنْهُ الطَّلَبَةُ.
كَانَ حَيًّا فِي دَوْلَةِ الرَّشِيدِ. طَوَّلَ تَرْجَمَتَهُ «ابْنُ النَّجَّارِ» [2] وَذَكَرَ أَنَّهُ أَتَى بَغْدَادَ.
وَعَنِ الأَصْمَعِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مِنْ عِنْدَ الرَّشِيدِ مِنْ بَابِ الرُّصَافَةِ، فَإِذَا بُهْلُولُ يَأْكُلُ خَبِيصًا، فَقُلْتُ: أَطْعِمْنِي. قَالَ: لَيْسَ هُوَ لِي. قُلْتُ: لِمَنْ هُوَ؟
قَالَ: لِحَمْدُونَةَ بِنْتِ الرَّشِيدِ أَعْطَتْنِيهِ آكُلُهُ لَهَا [3] .
وَعَنِ الأَشْهَلِيِّ قَالَ: بَكَّرْتُ فِي حَاجَةٍ، فَلَقِيتُ الْبُهْلُولَ، فَقُلْتُ: ادْعُ لِي. فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: يَا مَنْ لا تُخْتَزَلُ الْحَوَائِجُ دُونَهُ، اقْضِ لَهُ حَوَائِجَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ. فَوَجَدْتُ لِدُعَائِهِ رَاحَةً. فَنَاوَلْتُهُ دِرْهَمَيْنِ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، تَعْلَمُ أَنِّي آخُذُ الرَّغِيفَ وَنَحْوَهُ؟ لا وَاللَّهِ، لا آخُذُ عَلَى دُعَائِي أَجْرًا.
قَالَ: فَقُضِيَتْ حَاجَتِي [4] .
وَيُرْوَى أَنَّ الْبُهْلُولَ مَرَّ بِهِ الرَّشِيدُ، فَقَامَ وَنَادَاهُ وَوَعَظَهُ، فَأَمَرَ لَهُ بِمَالٍ، فَقَالَ: مَا كُنْتُ لأسوّد وجه الموعظة.