قَالَ الْبُخَارِيّ: أَصَحُّ الأَسَانِيدِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي «تَمْهِيدِهِ» : هَذَا كَتَبْتُهُ مِنْ حِفْظِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيَّ كَتَبَ إِلَى مَالِكٍ يَحُضُّهُ عَلَى الانْفِرَادِ وَالْعَمَلِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ إِنَّ اللَّهَ قَسَّمَ الأَعْمَالَ كَمَا قَسَّمَ الأَرْزَاقَ، فَرُبَّ رَجُلٍ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّلاةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الصَّدَقَةِ وَلَمْ يُفْتَحْ لَهُ فِي الصَّوْمِ، وَآخَرَ فُتِحَ لَهُ فِي الْجِهَادِ. وَنَشْرِ الْعِلْمِ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، وَقَدْ رَضِيتُ مَا فُتِحَ لِي فِيهِ، وَمَا أَظُنُّ مَا أَنَا فِيهِ بِدُونِ مَا أَنْتَ فِيهِ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ كِلانَا عَلَى خَيْرٍ وَبِرٍّ.
قُلْتُ: مَا أَحْسَنَ مَا جَاوَبَ الْعُمَرِيَّ عَلَيْهِ بِسَابِقِ مَشِيئَةِ اللَّهِ فِي عِبَادِهِ، وَلَمْ يُفَضِّلْ طَرِيقَتَهُ فِي الْعِلْمِ عَلَى طَرِيقَةِ الْعُمَرِيِّ فِي التَّأَلُّهِ وَالزُّهْدِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ [1] : ثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ صَالِحٍ صَاحِبُ مَالِكٍ قَالَ: قِيلَ لِمَالِكٍ: إِنَّكَ تَدْخُلُ عَلَى السُّلْطَانِ وَهُمْ يَظْلِمُونَ وَيَجُورُونَ.
قَالَ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، فَأَيْنَ التَّكَلُّمُ بِالْحَقِّ؟
قَالَ مُوسَى بْنُ داود: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو جَعْفَرٍ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لِي: يَا مَالِكُ كَثُرَ شَيْبُكَ.
قُلْتُ: نَعَمْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، مَنْ أَتَتْ عَلَيْهِ السُّنُونَ كَثُرَ شَيْبُهُ.
قَالَ لِي: ما لي أَرَاكَ تَعْتَمِدُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ؟
قَلْتُ: كَانَ آخِرَ مَنْ بَقِيَ عِنْدَنَا مِنَ الصَّحَابَةِ، فَاحْتَاجَ إِلَيْهِ النَّاسُ فَسَأَلُوهُ، فَتَمَسَّكُوا بِقَوْلِهِ [2] .
قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ فِي مَرَاتِبِ أَصْحَابِ نَافِعٍ: أَيُّوبُ وَفَضْلُهُ، وَمَالِكٌ وَإِتْقَانُهُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَحِفْظُهُ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَيُّمَا أَعْلَمُ، صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟