الْغَدِ إِلَى الثَّنِيَّةِ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ مَوَالِي الْعَبَّاسِيِّينَ، فَالْتَحَمَ الْقِتَالُ يَوْمَئِذٍ إِلَى الظُّهْرِ، وَغَفَلَ النَّاسُ عَنْ مُبَارَكٍ، فَانْهَزَمَ عَلَى الْهُجُنِ [1] .

ثُمَّ تَجَهَّزَ الْحُسَيْنُ أَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا، وَسَارَ مِنَ الْمَدِينَةِ وَالرَّعِيَّةُ يَدْعُونَ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ، فَإِنَّهُ آذَى النَّاسَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ فَسَقَةً يَتَغَوَّطُونَ فِي جَوَانِبِ الْمَسْجِدِ، وَمَضَى إِلَى مَكَّةَ، وَتَجَمَّعَ مَعَهُ خَلْقٌ مِنْ عَبِيدِ مَكَّةَ، فَبَلَغَ خَبَرُهُ الْهَادِي، وَكَانَ قَدْ حَجَّ تِلْكَ اللَّيَالِي مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَلِيٍّ، وَأَخُو الْمَنْصُورِ عَبَّاسٌ وَمُوسَى بْنُ عِيسَى وَمَعَهُمُ الْعُدَدُ وَالْخَيْلُ، فَالْتَقَى الْجَمْعَانِ، فَكَانَتِ الْوَقْعَةُ بفَخٍّ، بِقُرْبِ مَكَّةَ، فَقُتِلَ فِي الْمَصَافِّ الْحُسَيْنُ، وَأَرَاحَ اللَّهُ مِنْهُ [2] .

وَنُودِيَ بِالأَمَانِ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَسَنِ أَبُو الزِّفْتِ مُغْمِضًا عَيْنَهُ، قَدْ أَصَابَهَا شَيْءٌ مِنَ الْحَرْبِ، فَوَقَفَ خَلْفَ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ يَسْتَجِيرُ بِهِ، فَأَمَرَ بِهِ مُوسَى بْنُ عِيسَى فَقُتِلَ فِي الْحَالِ، فَغَضِبَ مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ مِنْ ذَلِكَ، وَاحْتُزَّتْ رُءُوسُ الْقَتْلَى، فَكَانُوا مِائَةً [3] .

وَغَضِبَ الْهَادِي عَلَى مُوسَى بْنِ عِيسَى لِقَتْلِهِ أَبَا الزِّفْتِ، فَأَخَذَ أَمْوَالَهُ.

وَغَضِبَ أَيْضًا عَلَى مُبَارَكٍ التُّرْكِيِّ، وَأَخَذَ أَمْوَالَهُ، وَصَيَّرَهُ فِي سَاسَةِ الدَّوَابِّ [4] .

[بَدْءُ الأُسْرَةِ الإِدْرِيسِيَّةِ بِالْمَغْرِبِ]

وَانْفَلَتَ إِدْرِيسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ، فَصَارَ إِلَى مِصْرَ، وَتَوَصَّلَ إِلَى الْمَغْرِبِ، إِلَى أَنِ اسْتَقَرَّ بِطَنْجَةَ، وَهِيَ عَلَى الْبَحْرِ الْمُحِيطِ، فَاسْتَجَابَ لَهُ مَنْ هُنَاكَ مِنَ الْبَرْبَرِ، وَأَعَانَهُ عَلَى الْهُرُوبِ نَائِبُ مِصْرَ وَاضِحٌ الْعَبَّاسِيُّ، وَكَانَ يَتَرَفَّضُ، فَسَيَّرَهُ عَلَى الْبَرِيدِ، فَطَلَبَ الْهَادِي وَاضِحًا وصلبه [5] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015