مُسْتَمْتَعٌ لِشَيْءٍ وَلا بَلاغَ، قَالَ: فَرَاشِدًا. فَخَرَجْتُ إِلَى مَكَّةَ، قَالَ ابْنُهُ: فَلَمْ تَطُلْ أَيَّامُهُ بِهَا حَتَّى مَاتَ [1] .
قُلْتُ: مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ.
وَعَنْ يَعْقُوبَ الْوَزِيرِ قَالَ: كَانَ الْمَهْدِيُّ لا يُحِبُّ النَّبِيذَ، لَكِنْ يَتَفَرَّجُ عَلَى غِلْمَانِهِ وَهُمْ يَشْرَبُونَ، فَأَعِظُهُ فِي سَقْيِهِمُ النَّبِيذَ وَفِي الطَّرَبِ وَأَقُولُ: مَا عَلَى ذَا اسْتَوْزَرْتَنِي، أَبَعْدَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي الْجَامِعِ يُشْرَبُ النَّبِيذُ عِنْدَكَ وَتَسْمَعُ السَّمَاعَ؟! فَكَانَ يَقُولُ: قَدْ سَمِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، فَأَقُولُ: لَيْسَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ [2] .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَعْقُوبَ: كَانَ أَبِي قَدْ أَلَحَّ عَلَى الْمَهْدِيِّ فِي حَسْمِهِ عَنِ السَّمَاعِ حَتَّى ضَيَّقَ عَلَيْهِ، وَكَانَ أَبِي قَدْ ضَجِرَ مِنَ الْوَزَارَةِ وَتَابَ وَنَوَى التَّرْكَ، قَالَ: فَكُنْتُ أَقُولُ لِلْمَهْدِيِّ: وَاللَّهِ لَخَمرٌ أَشْرَبُهُ وَأَتُوبُ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الْوَزَارَةِ، وَإِنِّي لأَرْكَبُ إِلَيْكَ، فَأَتَمَنَّى يَدًا خَاطِئَةً تُصِيبُنِي، فَاعْفِنِي وَوَلِّ مَنْ شِئْتَ، فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أسلّم عليك أنا وولدي، فما أتفرّغ [3] ، وَلَّيْتَنِي أُمُورَ النَّاسِ وَإِعْطَاءَ الْجُنْدِ، وَلَيْسَ دُنْيَايَ عِوَضًا عَنْ آخِرَتِي.
وَقَالَ: فَكَانَ يَقُولُ: اللَّهمّ غُفْرًا، اللَّهمّ أَصْلِحْ قَلْبَهُ.
وَقَالَ قَائِلٌ:
فَدَعْ عَنْكَ يَعْقُوبَ بْنَ دَاوُدَ جَانِبًا ... وَأَقْبِلْ عَلَى صَهْبَاءَ طَيِّبَةِ النَّشْرِ [4]
وَلَمَّا حَبَسَهُ الْمَهْدِيُّ عَزَلَ أصحابه، وسجن أهل بيته [5] .