الصِّدْقُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قلت: امْرَأَتِي طَالِقٌ وَعَلَيَّ وَعَلَيَّ إِنْ كُنْتُ أَعْرِفُ مَكَانَهُمَا، فَلَمْ يَقْبَلْ مِنِّي، وَأَقَمْتُ بَيْنَ الْعِقَابَيْنِ، فَضَرَبَنِي أَرَبَعَمِائَةِ سَوْطٍ، فَغَابَ عَقْلِي وَرُدِدْتُ إِلَى أَصْحَابِي، ثُمَّ أُحْضِرَ الدِّيبَاجُ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعُثْمَانِيُّ فَسَأَلَهُ عَنْهُمَا فَحَلَفَ لَهُ، فَلَمْ يَقْبَلْ، وَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ، وَجَعَلَ فِي عُنُقِهِ غِلا فَأُتِيَ بِهِ إِلَيْنَا وَقَدْ لَصَقَ قَمِيصَهُ عَلَى جِسْمِهِ مِنَ الدِّمَاءِ، ثُمَّ سُيِّر بِنَا إِلَى الْعِرَاقِ. فَأَوَّلُ مَنْ مَاتَ بِالْحَبْسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ، فَصَلَّى عَلَيْهِ أخوه حسن، ثُمَّ مات حسن بعده فصلّى عليه الديباج، ثم مات الديباج فَقُطِعَ رَأْسُهُ وَأُرْسِلَ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنَ الشِّيعَةِ لِيَطُوفُوا بِهِ بِخُرَاسَانَ وَيْحِلُفوا أَنَّ هَذَا رَأْسُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوهمون الناس أنه رأس محمد ابن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ الَّذِي كَانُوا يَجِدُونَ فِي الْكُتُبِ خُرُوجَهُ فِيمَا زَعَمُوا عَلَى أَبِي جَعْفَرٍ.
وَقِيلَ: لَمَّا أُتِيَ بِهِمُ الْمَنْصُورُ نَظَرَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَسَنٍ فَقَالَ:
أَنْتَ الدِّيبَاجُ الأَصْفَرُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لأَقْتُلَنَّكَ قَتْلَةً مَا قُتِلَهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِكَ، ثُمَّ أَمَرَ بِاسْطُوَانَةٍ فَنُقِرَتْ، ثُمَّ أُدْخِلَ فِيهَا ثُمَّ شُدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ حَيٌّ، وَكَانَ مُحَمَّدُ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ صُورَةً.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ قَتَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الدِّيبَاجَ وَجَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَتَلَهُ فاللَّه أَعْلَمُ.
وَرَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ. قَالَ: مَا كُنَّا نَعْرِفُ فِي الْحَبْسِ أَوْقَاتِ الصَّلاةِ إِلا بِأَجْزَاءٍ كَانَ يَقْرَؤُهَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمَنْصُورَ أَمَرَ بِقَتْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ سِرًّا.
وَقَالَ ابْنُ عَائِشَةَ: سَمِعْتُ مَوْلًى لِبَنِي دَارِمٍ قَالَ: قُلْتُ لِبَشِيرٍ الرَّحَّالِ:
مَا تَسَرُّعُكَ إِلَى الْخُرُوجِ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَرْسَلَ إليّ بعد أخذه عبد الله