فغضب هشام- وكان أحْوَل- فَقَالَ: أَخْرِجوا هذا، ثم بعد مدّة أُدْخِلْتُ عَلَيْهِ، فَقَالَ: أَلَك أهْلٌ؟ قُلْتُ: نعم، وابنتان، قَالَ: هَلْ زوَّجْتَهُما؟ قُلْتُ:
إحداهما، قَالَ: فما أوصَيْتَها؟ قُلْتُ:
أوصيت مِنْ بَرَّةَ قلبًا حُرَّا ... بالكلب خيرًا والحَماةِ شَرَّا
لا تسأمي خَنْقًا لها وجَرًّا ... والحيُّ عُمِّيهم بشَرّ طُرَّا
وإنْ حَبَوُكِ ذَهَبًا ودُرًّا ... حتى يَرَوْا حُلْوَ الحياةِ مُرّا
فضحك هشام حتى استلقى وقَالَ: ما هذه، وصيَّةُ يعقوب بَنِيه! قُلْتُ:
يا أمير المؤمنين، ولا أَنَا مثل يعقوب عَلَيْهِ السَّلامُ، قَالَ: فما زِدْتَها؟ قُلْتُ:
سبي الحماة وابْهَتِي عليها ... وإنْ دَنَتْ فازدلفي إليها
واقرعي بالفهر مرفقيها ... وظاهري اليد بِهِ عَلَيْهَا
لا تُخْبِري الدَّهْرَ بِهِ ابنَتَيْها