الأسودان ما كَانَ لنا فِقْهٌ: مجاهد، وعطاء، فَقَالَ: فَضَّ اللَّه فاكَ، تَقُولُ لهما الأسودان! وقَالَ عَمْرو بْن ذَرّ: ما رأيت عَلَى عطاء ثوبًا يسوى خمسةَ دراهم [1] وَرَوَى ليث عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن سابط قَالَ: والله ما أرى إيمان أهل الأرض يَعْدِلُ إيمان أَبِي بَكْر، ولا أرى إيمانَ أهلِ مكة يَعْدِلُ إيمانَ عطاء. وقَالَ عمران بْن حدير رأيت عَمامةَ عطاء مُخرَّقةً، فقلت: أُعطيك عمامتي؟ فَقَالَ:
إنّا لا نقبل إلا مِنَ الأمراء.
قُلْتُ: يريد بيتَ المال.
قَالَ ابن سعد [2] : عطاء مِنْ مُوَلَّدِي الْجَنَد، نشأ بمكة، وهو مولى لبني فِهْر، أو لِجُمَح، إِلَيْهِ انتهت فتوى أهل مكة، وإلى مجاهد، وأكثر ذَلِكَ إلى عطاء، فسمعت بعضَ العلماء يَقُولُ: كَانَ عطاء أسودَ، أعورَ، أفْطَسَ، أشَلَّ أعرجَ، ثم عُمِي، وكان ثقةً فقيهًا.
قَالَ أَبُو دَاوُد: كَانَ والد عطاء نُوبِيًّا يعمل المكاتل. وقيل: حجّ عطاء نيّفًا عَلَى سبعين حِجّة، وكان يشرب الماء فِي رمضان ويقول: إنّي أُطعِم أكثر مِنْ مسكين. وقَالَ يحيى القطّان: مُرسَلات مجاهد أحبّ إليّ مِنْ مُرسَلات عطاء بكثير، فإنّ عطاء كَانَ يأخذ عَنْ كل أحدٍ.
وقَالَ أَحْمَد وابن مَعِين: ليست مُرسَلات عطاء بذاك. وقَالَ عليّ بْن المَديني: كَانَ عطاء اختلط باخْرة، فتركه ابن جُرَيْج، وقيس بْن سعد. وقَالَ إِسْمَاعِيل بْن دَاوُد: سَمِعْتُ مالكًا يَقُولُ: كَانَ عطاء أسودَ، ضعيف العقل.
قُلْتُ: عطاء حُجَّة بالإجماع إذا أسند. قَالَ أَحْمَد بْن حنبل: لَيْسَ فِي المُرسَلات شيء أضعف مِنْ مُرسَلات الحَسَن، وعطاء، كانا يأخذان عَنْ كلّ أحد.
قَالَ أَبُو المليح، وحمّاد بْن سَلَمَةَ، وأَحْمَد، وجماعة: تُوُفِّي عطاء سنة أربعَ عشرةَ ومائة. وقَالَ ابن جُرَيْج والواقديّ: سنة خمس عشرة. وقيل: غير