فَحَيَّا الإِلَهُ أَبَا حَزْرَةٍ ... وَأَرْغَمَ أَنْفَكَ يَا أخْطَلُ

فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقَ يَقُولُ:

بَلْ أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفًا أَنْتَ حَامِلُهُ ... يَا ذَا الْخَنَا وَمَقَالِ الزُّورِ والْخَطَلِ

مَا أَنْتَ بِالْحَكَمِ لِتَرْضَى حُكُومَتَهُ ... وَلا الأَصِيلُ وَلا ذِي الرَّأْيِ وَالْجَدَلِ

فَغَضِبَ جَرِيرٌ وَقَالَ أَبْيَاتًا، ثُمَّ وَثَبَ فَقَبَّلَ رَأْسَ الأَعْرَابِيِّ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَائِزَتِي لَهُ- وَكَانَتْ كُلَّ سَنَةٍ خَمْسَةُ عَشْرَ أَلْفًا- فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَهُ مِثْلُهَا مِنِّي.

قَالَ نَفْطَوَيْهِ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ [1] بْنُ أَحْمَدَ الْمُزَنِيُّ أَنَّ جَارِيَةً قَالَتْ لِلْحَجَّاجِ: يَدْخُلُ عَلَيْكَ جَرِيرٌ فَيُشَبِّبُ بِالْحُرُمِ، قَالَ: مَا عَلِمْتُهُ إِلا عَفِيفًا، قَالَتْ: فَأَخْلِنِي وَإِيَّاهُ، فأخلاهما، فقالت: يا جرير، فنكس رأسه، وقال:

ها أنا ذا، قالت: باللَّه أنشدني قولك:

أو انس أَمَّا مَنْ أَرَدْنَ عَنَاءَهُ [2] ... فَعَانٍ وَمَنْ أَطْلَقْنَ فَهُوَ طَلِيقُ

دَعَوْنَ الْهَوَى ثُمَّ ارْتَمَيْنَ قُلُوبَنَا ... بِأَسْهُمِ أَعْدَاءٍ وَهُنَّ صَدِيقُ

فَقَالَ: مَا أَعْرِفُ هَذَا وَلَكِنِّي الْقَائِلُ:

وَمَنْ يَأْمَنُ الْحَجَّاجَ أَمَّا نَكَالُهُ ... فَصَعْبٌ وَأَمَّا عَهْدُهُ [3] فَوَثِيقُ

يُسِرُّ لَكَ الْبَغْضَاءَ كُلُّ مُنافِقٍ ... كَمَا كُلُّ ذِي دِينٍ عليك شفيق

[4] ولجرير:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015