لَسْتُ أُجِيزُهَا، فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَارُودِ الْعَبْدِيُّ فَقَالَ: بَلْ هِيَ زِيَادَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَكَذَّبَهُ وَتَوَعَّدَهُ، فَخَرَجَ ابْنُ الْجَارُودِ عَلَى الْحَجَّاجِ، وَتَابَعَهُ خَلْقٌ، فَاقْتَتَلُوا، فَقُتِلَ ابْنُ الْجَارُودِ فِي طَائِفَةٍ [1] مَعَهُ.

وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى الْمُهَلَّبِ وَإِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: أَنْ نَاهِضُوا الْخَوَارِجَ، قَالَ: فَنَاهِضُوهُمْ وَأَجْلَوْهُمْ عَنْ رَامَهُرْمُزَ، فَقَالَ الْمُهَلَّبُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ: إِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُخَنْدِقَ عَلَى أَصْحَابِكَ فَافْعَلْ، وَخَنْدَقَ الْمُهَلَّبُ عَلَى نَفْسِهِ كَعَادَتِهِ، وَقَالَ أَصْحَابُ ابْنِ مِخْنَفٍ: إِنَّمَا خَنْدَقْنَا سُيُوفَنَا، فَرَجَعَ الْخَوَارِجُ لِيُبَيِّتُوا النَّاسَ، فَوَجَدُوا الْمُهَلَّبَ قَدْ أَتْقَنَ أَمْرَ أَصْحَابِهِ، فَمَالُوا نَحْوَ ابْنِ مِخْنَفٍ، فَقَاتَلُوهُ، فَانْهَزَمَ جَيْشُهُ، وَثَبَتَ هُوَ فِي طَائِفَةٍ، فَقَاتَلُوا حَتَّى قُتِلُوا، فَبَعَثَ الْحَجَّاجُ بَدَلَهُ عَتَّابَ بْنَ وَرْقَاءَ، وَتَأَسَّفُوا عَلَى ابْنِ مِخْنَفٍ، وَرَثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ [2] .

وَقَالَ خَلِيفَةُ [3] : ثُمَّ فِي ثَالِثِ يَوْمٍ مِنْ مقدم الحجّاج الكوفة أتاه عمير بن ضابيء الْبُرْجُمِيُّ، وَهُوَ الْقَائِلُ:

هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ، وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلائِلُهْ

فَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَخِّرُوهُ، أَمَّا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [عُثْمَانُ] فَتَغْزُوهُ بِنَفْسِكَ، وَأمَّا الْخَوَارِجُ الأَزَارِقَةُ فَتَبْعَثْ بَدِيلا، وَكَانَ قَدْ أَتَاهُ بِابْنِهِ فَقَالَ: إِنِّي شَيْخٌ كَبِيرٌ، وَهَذَا ابْنِي مَكَانِي، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فضربت عُنُقُهُ [4] وَاسْتَخْلَفَ الْحَجَّاجُ لَمَّا خَرَجَ عَلَى الْكُوفَةِ عروة بن المغيرة بن شعبة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015