وشرعوا فِي الهزيمة، وقُضي الأمر. فإنّا للَّه وإنّا إليه راجعون. وأخذت الأمراء السلطان ووَلّوا، وتحيَّزوا وحموا ظهورهم، ومروا على حمص وساروا على درب بعلبكّ إلى طريق البقاع [1] ، ومر خلْق من الجيش منكسرين عليهم كَسْفة وكآبة بدمشق.
وأمّا نَحْنُ فوقعت يوم الخميس الظهر بطاقة مضمونها أن أقجبا المشد وجماعة مجرحين وصلوا إلى قارة [2] ، وأن أمر المصاف متماسك بعد، ولم يدروا ما تم بعدهم، فأخفى أُرْجواش نائب المملكة ذَلِكَ، فما أمسينا حَتَّى أُشهر أن الميمنة انكسرت. ثُمَّ قيل إنَّ الجيش جميعه انكسر، فبِتْنا بليلةٍ اللَّهُ بها عليهم، وفترت الهمم عن الدعاء. ودقت البشائر من الغد تطمينا وتبين كذبُها.
ثُمَّ أرسل أرجَواش الأنهار على خندق البلد. ثُمَّ دقت البشائر عصر يوم الجمعة، فلم يعبأ بها الناس، بل بقوا حائرين فِي هَرَج ومرج. وجاء يومئذٍ خلْقٌ من الْجُنْد والأمراء، قد وقفت خيولهم، وراحت أثقالهم وأموالهم، وتمزقوا، وقد رموا الْجَوْشن. واستشهد فِي المَصَافّ جماعة إلى رحمة اللَّه.
وشرع الناس فِي الهرب إلى مصر. وبات الناس ليلة السبت فِي أمرٍ عظيم، وقد أشرفوا على خطة صعبة.
وبَلَغَنا أن التتار قُتِل منهم خمسة آلاف [3] ، وقيل عشرة آلاف. ولم يقتل من الجيش إلا دون المائتين [4] .