قَالَتْ: دَخَلَ رَجُلٌ عَلَى يَزِيدَ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبْشِرْ فَقَدْ مَكَّنَكَ اللَّهُ مِنَ الْحُسَيْنِ، فَحِينَ رَآهُ خَمَّرَ وَجْهَهُ كَأَنَّهُ يَشُمُّ منه رَائِحَةٍ [1] ، قَالَ حَمْزَةُ: فَقُلْتُ لَهَا: أَقْرَعَ ثَنَايَاهُ بِقَضِيبٍ؟ قَالَتْ: إِيْ وَاللَّهِ [2] .

ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ: وَقَدْ كَانَ حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِهَا أَنَّهُ رَأَى رَأْسَ الْحُسَيْنِ مَصْلُوبًا بِدِمَشْقَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ [3] ، وَحَدَّثَتْنِي رَيَّا أَنَّ الرَّأْسَ مَكَثَ فِي خَزَائِنِ السِّلاحِ حَتَّى وَلِيَ سُلَيْمَانُ الْخِلافَةَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ [4] فَجِيءَ بِهِ وَقَدْ بَقِيَ عَظْمًا أَبْيَضَ، فَجَعَلَهُ فِي سَفَطٍ وَكَفَّنَهُ وَدَفَنَهُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا دخلت الْمُسَوِّدَةَ [5] سَأَلُوا عَنْ مَوْضِعِ الرَّأْسِ فَنَبَشُوهُ وَأَخَذُوهُ، فاللَّه أَعْلَمُ مَا صُنِعَ بِهِ [6] . وَذَكَرَ الْحِكَايَةَ وَهِيَ طَوِيلَةٌ قَوِيَّةُ الإِسْنَادِ. رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي نَصْرٍ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنِ الْمَذْكُورِ [7] .

وَعَنْ أَبِي قَبِيلٍ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ احْتَزُّوا رَأْسَهُ وَقَعَدُوا فِي أَوَّلِ مَرْحَلَةِ يَشْرَبُونَ النَّبِيذَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ قَلَمٌ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ حَائِطٍ فَكَتَبَ بِسَطْرِ دَمٍ:

أَتَرْجُو أُمَّةٌ قَتَلَتْ حُسَيْنًا ... شَفَاعَةَ جَدِّهِ يوم الحساب

فهربوا وتركوا الرأس [8] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015