فدخلنا المدائن، فو الله إنه ليخطبنا إذ جَاءَتْهُ الْبُشْرَى بِالنَّصْرِ، فَقَالَ: أَلَمْ أُبَشِّرْكُمْ بِهَذَا؟ قَالُوا: بَلَى وَاللَّهِ.
قَالَ: يَقُولُ لِي رَجُلٌ هَمْدَانِيٌّ مِنَ الْفُرْسَانِ: أَتُؤْمِنُ الْآنَ يَا شَعْبِيُّ؟
قُلْتُ: بِمَاذَا؟ قَالَ: بِأَنَّ الْمُخْتَارَ يَعْلَمُ الْغَيْبَ، أَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُمُ انْهَزَمُوا، قُلْتُ:
إِنَّمَا زَعَمَ أَنَّهُمْ هُزِمُوا بِنَصِيبِينَ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ بِالْخَازَرِ مِنَ الْمَوْصِلِ، فَقَالَ لِي: وَاللَّهِ لَا تُؤْمِنُ حَتَّى تَرَى الْعَذَابَ الْأَلِيمَ يَا شَعْبِيَّ [1] .
وَرُوِيَ أَنَّ أَحَدَ عُمُومَةِ الْأَعْشَى كَانَ يَأْتِي مَجْلِسَ أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُونَ: قَدْ وُضِعَ الْيَوْمَ وَحيُ مَا سَمِعَ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا يَكُونُ مِنْ شَيْءٍ [2] .
وَعَنْ مُوسَى بْنِ عَامِرٍ قَالَ: إِنَّمَا كَانَ يَصْنَعُ لَهُمْ ذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَوْفٍ وَيَقُولُ: إِنَّ الْمُخْتَارَ أَمَرَنِي بِهِ، وَيَتَبَرَّأُ مِنْهُ الْمُخْتَارُ [3] .
وَفِي الْمُخْتَارِ يَقُولُ سُرَاقَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ الْبَارِقِيُّ الْأَزْدِيُّ:
كَفَرْتُ بِوَحْيِكُمُ وَجَعَلْتُ نَذْرًا ... عَلَيَّ هِجَاكُمْ [4] حَتَّى الْمَمَاتِ
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تُبْصِرَاهُ [5] ... كِلَانَا عَالِمٌ بِالتُرَّهَاتِ [6]
وَفِيهَا وَقَعَ بِمِصْرَ طَاعُونٌ هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ مِنْ أَهْلِهَا [7] .
وَفِيهَا ضَرَبَ الدَّنَانِيرَ بِمِصْرَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ ضَرَبَهَا فِي الإسلام.