وَلَمَّا هَلَكَ يَزِيدُ بُويِعَ بَعْدَهُ ابْنُهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ يَزِيدَ، فَبَقِيَ فِي الْخِلَافَةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقِيلَ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ مُتَمَرِّضًا، والضحاك بْنُ قَيْسٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَلَمَّا احْتُضِرَ قِيلَ لَهُ: أَلَا تَسْتَخْلِفُ؟ فَأَبى وَقَالَ: مَا أَصَبْتُ مِنْ حَلَاوَتِهَا، فَلَمْ أَتَحَمَّلْ مَرَارَتَهَا! وَكَانَ لَمْ يُغَيِّرْ أَحَدًا مِنْ عُمَّالِ أَبِيهِ [1] .

وَكَانَ شَابًّا صَالِحًا، أبيض جميلا وَسِيمًا، عَاشَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً [2] .

وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ [3] ، فَأَرَادَتْ بَنُو أُمَيَّةَ عُثْمَانَ هَذَا عَلَى الْخِلَافَةِ، فَامْتَنَعَ وَلَحِقَ بِخَالِهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ.

وقَالَ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ عِنْدَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ: أَقِيمُوا أَمْرَكُمْ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْكُمْ شَامَكُمْ، فَتَكُونُ فِتْنَةً، فَكَانَ رَأْيُ مَرْوَانَ أَنْ يُرَدَّ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ فَيُبَايِعُهُ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ هَارِبًا مِنَ العراق، وكان عند ما بَلَغَهُ مَوْتُ يَزِيدَ خَطَبَ النَّاسَ، وَنَعَى إِلَيْهِمْ يَزِيدَ وَقَالَ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَمِيرًا، فقَالُوا: نَخْتَارُكَ حَتَّى يَسْتَقِيمَ أَمْرُ النَّاسِ، فَوَضَعَ الدُّيُونَ وَبَذَلَ الْعَطَاءَ، فَخَرَجَ عَلَيْهِ سَلَمَةُ الرياحي بِنَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ، فَدَعَا إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَمَالَ النَّاسُ إِلَيْهِ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَزْدِيُّ: قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِأَهْلِ الْبَصْرَةِ: اخْتَارُوا لِأَنْفُسِكُمْ، قَالُوا: نَخْتَارُكَ، فَبَايَعُوهُ وَقَالُوا: أَخْرِجْ لَنَا إِخْوَانَنَا، وَكَانَ قَدْ مَلَأَ السُّجُونَ مِنَ الْخَوَارِجِ، فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا فَإِنَّهُمْ يُفْسِدُونَ عَلَيْكُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَهُمْ، فَجَعَلُوا يُبَايِعُونَهُ، فَمَا تَتَامَّ آخِرُهُمْ حَتَّى أَغْلَظُوا لَهُ، ثُمَّ خَرَجُوا فِي نَاحِيَةِ بَنِي تَمِيمٍ [4] .

وَرَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ، عَنْ عَمِّهِ، أَنَّهُمْ خَرَجُوا، فَجَعَلُوا يَمْسَحُونَ أَيْدِيَهُمْ بِجُدُرِ بَابِ الْإِمَارَةِ، وَيَقُولُونَ: هذه بيعة ابن مرجانة، واجترأ عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015