وفي ربيع الآخر قدِم القاهرةَ الحاكمُ بأمر الله ومعه ولدُه وجماعة، فأكرمه الملك الظّاهر وأنزله بالبرج الكبير، وهو أَحْمَد بن أَبِي عليّ القُبي بن عليّ بن أَبِي بَكْر ابن أمير المؤمنين المسترشد باللَّه [1] ابن المستظهر الهاشميّ العبّاسيّ.
اختفى وقتَ أخْذِ بغداد ونجا، ثمّ خرج منها وفي صُحبته زين الدّين صالح بن مُحَمَّد بن البنّاء الحاكم، وأخوه مُحَمَّد، ونجم الدّين ابن المُنَشا، وقصد حسين بن فلاح أمير بني خفاجة، فأقام عنده مدّة، ثمّ توصّل مع العرب إلى دمشق، وأقام عند الأمير عيسى بن مُهَنَّا والد مهنّا مدّة، فطالع به السُّلطان الملك النّاصر، فأرسل يطلبه، فبغته مجيء التّتار. فلمّا ملك الملك المظفّر دمشق سيّر الأمير قِلِيج البغداديّ إلى ناحية العراق وأمره بتطلّب الحاكم، فاجتمع به وبايعه على الخلافة، وتوجّه فِي خدمته الأمير عيسى والأمير عليّ بن صقر ابن مخلول [2] ، وعمر بن مخلول [2] ، وسائر آل فضل، سوى أولاد حُذَيْفَة. فافتتح الحاكم بالعرب عانَةَ، والحديثة، وهيت، والأنبار، وضرب مع القرادول رأسا بقرب بغداد [3] فِي أواخر سنة ثمانٍ وخمسين، فانتصر عليهم، وقُتِل من التّتار خلْق، ولم يُقتَل من أصحابه غير ستّة، فيقال، والله أعلم: قُتِل من التّتار نحو ألفٍ وخمسمائة فارس، منهم ثمانية أمراء. فجاء جيش للتّتار عليهم قرابُغا، فردّ المسلمون على حَمِية، فتبِعهم قرابغا إلى هيت وردّ [4] .