البُنْدُقْداريّ وأصحابه، وحادَثَه، وطلب منه امْرَأَة من سبْي التّتار، فأنعم له بها، فأخذ يده ليُقبلها، وكانت تلك إشارة بينه وبين أولئك، فبادره بدر الدّين بكتوت الجوكنْدار المُعِزّيّ، فضربه بالسّيف على عاتقه فأبانه، ثمّ رماه بهادر المُعِزّيّ بسهم قضى عليه، وذلك يوم سادس عشر [1] ذي القعدة.
ثمّ ساروا إلى الدّهليز وضربوا مشورة فيمن يملّكوه عليهم، فاتّفقوا على رُكْن الدّين البُنْدُقْداريّ. وتقدّم الأمير فارس الدّين أقطاي المعروف بالأتابَك فبايعه، ثمّ تلاه الرشيديّ. ولُقب بالملك القاهر [2] .
ثمّ ساق هُوَ والأتابك، وقلاوون الَّذِي تسلطن، والبَيْسَري، وجماعة، وقصد قلعة مصر، ورتّب أقوش النّجيبيّ [3] أستاذ داره، وعزّ الدّين الأخرم أمير جنْدار. فخرج نائب الملك المظفّر على القاهرة للقائه، وهو الأمير عزّ الدّين الحلّيّ، فصادف هؤلاء فأخبروه بما وقع، فحلف لرُكْن الدّين، وردّ إلى القلعة ووقف على بابها ينتظره.
وكانت القاهرة قد زيّنت لقدوم المظفّر وهم فِي فرحة، فلمّا طلع الضّوء لم يشعروا إلّا والمنادي يقول: مَعْشَر الناسَ، ادعُوا لسلطانكم الملك القاهر رُكْن الدّنيا والدّين. ووعدهم بالإحسان وإزالة ... [4] لأنّ المظفّر كان قد أحدث على المصريّين حوادث كثيرة، منها تصقيع الأملاك وتقويمها وزكاتها، وأخْذ ثُلث الزّكاة، وثلث الترِكات، وعن كلّ إنسانٍ دينار واحد، ومضاعف الزّكاة، فبلغ ذلك فِي العام ستمائة ألف دينار، فأطلق لهم ذلك. وجلس على