بَعْلَبَكّ عَلَى بغْل بإكاف، فاعتقله واستأصله، ثُمَّ بعث بِهِ إلى مغارة أُفْقَة [1] فِي جبل لُبْنان فأهلكه بِهَا. وبعث إِلَيْهِ عَدْلَين شهدوا عَلَيْهِ ببيع أملاكه. فحدَّثني أحدُهما قَالَ: رَأَيْته وعليه قنْدُورة صغيرة، وعلى رأسه تخفيفة، فبكى وقال:
معكم شيء آكُل فلي ثلاثة أيّام ما أكلت شيئا.
فأطعمناه من دارنا، وشهِدنا عَلَيْهِ ببيع أملاكه للسّامريّ، ونزلنا من عنده، فَبَلَغَنَا أنّهم جاءوا إِلَيْهِ، فأيقن بالهلاك وقال: دعوني أُصليّ ركعتين. فقام يصليّ وطوّل، فَرَفَسَه دَاوُد من رأس شَقِيف مُطِلٍّ عَلَى نهر إِبْرَاهِيم [2] ، فما وصل إلى القرار إلّا وقد تقطّع.
وحكى لي آخر أنّ ذيله تعلّق بسنّ الجبل فضربوه بالحجارة حتّى مات.
وذكر ناصر الدّين مُحَمَّد بْن المُنَيْطِريّ [3] ، عَن عَبْد الخالق رئيس النَّيْرَب قَالَ: لمّا سُلِّم القاضي الرّفيع إلى المقدَّم دَاوُد سيف النقمة وإليَّ أيضا وصلْنا بِهِ إلى الشَّقِيف [4] وفيه عين ماء فَقَالَ: عليَّ غُسْل وأشتهي تُمكّنوني أغتسِل وأصلّي.
فنزل واغتسل وصلّى ودعا، ثُمَّ قَالَ: افعلوا ما شئتم. فدفعه دَاوُد، فما وصل إلّا وقد تلف.
قَالَ أَبُو المظفَّر [5] : وحكى لي أعيان الدّماشقة أنّ الموفَّق الواسطيّ هُوَ كَانَ أساس البلاء، فتح أبواب الظُّلم، وجسَّر الرّفيع عَلَى جهنّم، وأخذ لنفسه من أموال النّاس ستّمائة ألف درهم. وآخر أمر الموفّق أنّه عذّب عذابا ما عذّبه