مثلَها أَبُوهُ ولا جدُّه، وكانت تزيدُ عَلَى مائة ألفٍ وعشرين ألفَ فارسٍ، وأكثرَ منَ ذَلِكَ، كذا قَالَ ابنُ واصل [1]- وكان ذا هِمَّةٍ عاليةٍ، وشَجاعةٍ وإقدامٍ عَظيمٍ، قصدت التتار البلاد فلقيهم عسكره فهزموا التتار هزيمة عظيمة. وكان له أخ يُقَالُ لَهُ الخَفَاجي فِيهِ شَهامةٌ زائدةٌ، كانَ يَقُولُ: إنْ وُلِّيتُ لأعْبُرَنَّ بالعساكر نهرَ جَيْحون، وآخذُ البلادَ من أيدي التتار استأصِلُهم. فلمّا ماتَ المستنصرُ لم يَرَ الدُّويدارُ ولا الشَّرابيّ تقليدَ الخَفاجيّ خَوفًا منه، وأقاما أَبَا أَحْمَد للِينةِ وضَعْفِ رأيه، ليكونَ لهما الأمرُ ليُنفذَ اللَّه أمرَه فِي عُبَادة.

وقد رَثَاه الناصرُ داودُ بقصيدةٍ فائقةٍ مَطْلَعُها:

أيا رَنَّةَ الناعي عَبَثْتِ بَمسْمَعِي ... وأجَّجْتِ [2] نارَ الحُزنِ ما بَيْنَ أضْلُعِي

وأخْرَسْتِ منِّي مِقْوَلًا ذا بَراعةٍ ... يَصُوغُ أفَانِين القَريضِ المُوشَّع

نَعَيْت إليَّ البَأْسَ والْجُودَ والحِجَى ... فَأوْقَفْتِ آمالي وأجْرَيْتِ أدْمُعي [3]

وقال الحافظُ عبدُ العظيمِ [4] : مولدُه فِي صفر سنة ثمانٍ وثمانين، وتُوُفّي فِي العشرين من جُمَادَى الأولى.

قَالَ: وكانَ راغبا فِي فعل الخير، مجتهدا فِي تكثير أعمالِ البِرِّ وله فِي ذَلِكَ آثارُ جميلةٌ كثيرة، وأنشأ المدرسة المعروفة بِهِ، ورَتَّبَ فيها من الأمور الدّالَّةِ عَلَى تفقُّدِه لأحوالِ أهل العلم وكثرةِ فكرتِه فيما يقضي براحتهِم وإزاحةِ عِللهم ما هُوَ معروفٌ لمن شاهده وسَمِعَ بِهِ.

وأنبأني ابنُ البُزُوريّ أَنَّهُ تُوُفّي يومَ الجمعة عاشر جُمَادَى الآخرة، وكذا قَالَ ابنُ النّجّار فِي «تاريخه» ، وغيرهُ. وهو الصحيحُ. وقولُ المنذريّ وَهْم.

قَالَ ابنُ البُزُوريّ: تُوُفّي بُكْرةً عن إحدى وخمسين سنة وأربعة أشهر وسبعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015