استهلَّت والتتارُ فِي هذه السّنين بأيديهم من الخطا إلى قريب العراق وإربِل، وغاراتهم تُبَدِّع كلَّ وقتٍ، والنّاسُ منهم فِي رُعبٍ، وراسلهم إلى الآن المستنصر باللَّه ثلاث مرّات [1] .
وأمّا الخوارزميّة فزالت دولتهم، وتمزَّقوا، وقُطشت أذنابُهم، وبقوا حراميّة، يقتلون ويسبون الحريم، ويفعلون كلَّ قبيحٍ [2] .
وفيها قَدِمَ الملكُ الجواد مُلتجئًا إلى السلطان الملك الصّالح أيّوب، فخافَ منه الصّالح، ونوى أن يُمسكه، فردَّ الجواد من الرمل والتجأ إلى الملك النّاصر بالكركِ [3] .
وفيها قَدِمَ كمال الدّين ابن شيخ الشّيوخ فِي جيشٍ من المصريّين، فنزل غزَّة. فجهّز النّاصر عسكره مَعَ الجواد، فالتقَوْا، فكسرهم الجواد وأخذ كمالُ الدّين ابن الشّيخ أسيرا، وأحضر إلى بين يدي النّاصر دَاوُد، فوبَّخَه، فقال الجوادُ:
لَا توُبِّخه. ثمّ بعد قليلٍ تحيَّل النّاصر من الجوادِ فأمسَكه، وبَعثَ بِهِ إلى بغداد