وقال أبو المظفّر ابن الجوزيّ [1] : أخذ خُوارزم شاه جلالُ الدِّين مدينة خِلاط في جُمَادَى الأولى بعدَ حِصار عشرة أشهر، وكان فيها مجير الدّين ابن العادل، وأخوه تقيّ الدِّين، وزوجةُ الأشرف بنتُ ملك الكُرْج، فأَسَرَهُمْ جلالُ الدِّين. فأرسل صاحب الروم إلى الأشرف يأمرُه بالمسير، فإنَّه يُنْجِدُه، فشاور أخاه الملك الكامل فقال: نَعَم مصلحة، فجمع جيشَه وسار إلى صاحب الروم، وكان معه أخواه شهابُ الدِّين غازي، والملكُ العزيز عثمان، وابن أخيه الملك الجواد. وجمع ملكُ الروم جيوشهَ أيضا واجتمعا، والتقاهم الخُوارزْميّ، فانكسر كسرة عظيمة، وأخذ الأشرفُ خِلاطَ، وأرسل إلى الخُوارزْميّ يطلب إخوته، فأرسلهم ولم يرسل المرأة.
قال عبد اللّطيف بن يوسُف: كسر اللهُ الخُوارزْميّين بأخفَّ مؤنة بأمرٍ لم يكن في الحساب، فسبحانَ من هَدم ذاك الجبلَ الراسي في لمحةِ ناظرٍ.
وفيها رجعت رُسُلُ الخليفة من عند جلال الدِّين منكوبريّ [2] ملك الخُوارزْميَّة، وخُلِعَ على رسوله الّذي قَدِمَ معهم [3] .
وفيها خرج الموكبُ الشّريف لتلقّي رسول الملك مُحَمَّدِ بن يوسُف بن هود المغربيّ، صُحْبَةَ رسولِ الملك الكامل زعيمِ مصر، فأخبر أنّ ابن هود استولى على أكثر بلاد المغرب التي بيد بني عبد المؤمن، وأنّه خَطَبَ بها للمستنصر باللَّه، فحُمد فِعله، وكُتِبَ له منشور متضمّن شكر همّته العالية [4] .