خوفا من جلالُ الدِّين، فأرسل جلالُ الدِّين إلى الكبار بتبريز يطلب منهم أن يتردّد عسكرُه إليهم، ليمتاروا، فأجابُوه إلى ذلك. فتردّد العسكر، وباعوا، واشترَوْا، ثمّ مدُّوا أعينهم إلى أموال النّاس، فصاروا يأخذون الشّيء بأبخسِ ثمن، فأرسل جلالُ الدِّين لذلك شِحنة [1] إلى تبريز. وكانت زوجة أوزبك ابنةُ السُّلطان طُغْرُل بن أرسلان شاه بن محمد بن ملك شاه، مقيمة بالبلد، وكانت الحاكمةَ في بلاد زوجها، وهو مُنْهَمِكٌ في اللّذّات والخمور، ثمّ شكى أهل تبريز من الشِّحنة فأنصفهم جلال الدِّين منه، ثمّ قَدِمَ تبريز، فلم يُمكّنوه من دخولها، فحاصرها خمسة أيّام، وقاتله أهلُها أشدّ قتال، ثمّ طلبوا الأمان، وكان جلال الدِّين يَذمُّهُم ويقول: هؤلاء قتلوا أصحابَنا المسلمين، وبعثوا برءوسهم إلى التّتار، فلهذا خافوا منه، فلمّا طلبوا الأمان، ذكر لهم فِعلهم هذا، فاعتذروا بأنّه إنّما فعل ذلك ملكُهم، فقبِل عُذْرهم، وآمنهم، وأخذ البلد، وآمن ابنةَ طُغْرل، وذلك في رجب. وبعث ابنة طُغْريل إلى خُوَيّ مخفرة محترمة، وبثّ العَدْل في تِبريز، ونزل يومَ الجمعة إلى الجامع، فلمّا دعا الخطيبُ للخليفة، قام قائما حَتّى فرغ مِن الدُّعَاء. ثمّ سيَّر جيشا إلى بلاد الكُرْج- لعنهم الله- ثمّ سارَ هو وعمل معهم مصافّا هائلا.

قال ابن الأثير [2] : فالّذي تحقّقناه أنَّه قُتِلَ من الكُرْج عشرون ألفا، وانهزم مقدّمُهم إيواني.

وجهّز جلال الدِّين عسكرا لحصار القلعة الّتي لجأ إليها إيواني، وفرَّق باقي جيوشه في بلاد الكُرج، يقتلون، ويسبُون، مع أخيه غياث الدِّين. ثمّ تزوَّج جلال الدِّين بابنة السُّلطان طُغريل، لأنّه ثبتَ عنده أنّ أُزبك حلف بطلاقها على أمرٍ وفعله. وأقام بتبريزَ مُدَّة، وجهّزَ جيشا إلى كَنْجة، فأخذوها، وتحصَّن أُزبك بقلعتها، ثمّ أرسل يخضع لجلال الدِّين، ففتر عنه [3] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015